أحد عشر ، أو اثنى عشر ، أو أكثر ... فالنوعان متشابهان. فى المبدأ ، مختلفان فى النهاية (١). وأشهر الصيغ الأولى أربعة ، تسمّى : «صيغ جموع القلّة». وتسمّى الصيغ الأخرى : «صيغ جموع الكثرة» (٢) ... وهما غير : «جمع الجمع» وهذا لا يدل على أقل من عشرة ـ كما سيجىء (٣) ...
فالأربعة الخاصة بجموع القلة ، هى :
١ ـ أفعلة ؛ نحو : أغذية ، وأدوية ، وأبنية ـ جمع : غذاء ، ودواء ، وبناء ...
٢ ـ أفعل : نحو : ألسن ، وأرجل ، وأعين ؛ ... جمع : لسان ، ورجل ، وعين ...
٣ ـ فعلة ؛ نحو : صبية ، وفتية ، وولدة ؛ جمع : صبىّ ، وفتى ، وولد.
٤ ـ أفعال ؛ نحو : أبطال ، وأسياف ، وأنهار ؛ جمع : بطل ، وسيف ونهر ...
ومعنى اختصاص هذه الصيغ بالقلة أن المدلول الحقيقى (لا المجازى) لكل واحدة منها هو عدد مبهم ـ أى : لا تحديد ولا تعيين له ـ ولكنه لا يقل عن ثلاثة ولا يزيد على عشرة ، بشرط ألا توجد قرينة تدل على أن المراد الكثرة ، لا القلة.
__________________
(١) كثرة النحاة تقول إن مدلول جمع الكثرة بطريق الحقيقة ـ لا المجاز ـ هو ما فوق العشرة إلى مالا نهاية. ولكن بعض المحققين ـ كما نقل الصبان ـ لم يرتض ذلك ، وقال إن جمع القلة هو من الثلاثة إلى العشرة ، وجمع الكثرة من الثلاثة إلى ما لا يتناهى. فالفرق بينهما من جهة المبدأ. بخلاف ما ذكره الشارح الأشمونى) ا ه.
وهذا هو الرأى السديد ؛ لأن معناه أعم ، فالأخذ به يحقق المعنى المراد من كثير من أساليب العرب ، فوق أنه يمنع التعارض والتناقض الذى قد يقع بين العدد المفرد (٣ و ١٠ وما بينها) ومعدوده حين يكون هذا المعدود صيغة من صيغ جمع الكثرة (مثل : ثلاثة بيوت ـ أربعة جداول ـ خمسة جبال ـ ست مدائن ـ سبع سفن ..) فلو أخذنا بالرأى الأول لكان العدد فى هذه الأمثلة وأشباهها دالا على شىء حسابى معين لا يزيد على عشرة مطلقا. فى حين يدل المعدود ـ وهو صيغة جمع الكثرة ـ على شىء يزيد على العشرة حتما. وهذا هو التعارض والتناقض المعنوى المعيب. أما على الرأى الثانى السديد فلا وجود لهذا التعارض والتناقض.
(٢) «ملاحظة» من آثار القلة والكثرة أن تقول : كتبت إليك رسالة لثلاث خلون من شهر كذا ، وجاءنى كتابك لخمس عشرة خلت من ذلك الشهر ؛ فنجىء بنون النسوة حينا ، وبتاء التأنيث حينا آخر. فما الضابط الذى نرجع إليه فى استخدام أحدهما؟ الجواب فى رقم ١ من هامش ص ٥٢٥. وله إشارة فى الصفحة الآتية.
(٣) فى ص ٦٢١.