المسألة ١٧٢ :
جمع التكسير.
معناه : فى الأبيات الآتية التى يصف بها الشاعر (٢) أسباب العظمة ، وخلود السيرة ـ أمثلة مختلفة مما يسميه النحاة : «جمع التكسير» ، قال :
وليس الحلد مرتبة تلقّى (٣) |
|
وتؤخذ من شفاه الجاهلينا |
ولكن منتهى همم كبار |
|
إذا ذهبت مصادرها (٤) بقينا |
وسرّ العبقرية حين يسرى |
|
فينتظم الصنائع والفنونا |
وآثار الرجال إذا تناهت |
|
إلى التاريخ خير الحاكمينا |
وأخذك من فم الدنيا ثناء |
|
وتركك فى مسامعها طنينا (٥) |
فالكلمات : (شفاه ـ همم ـ كبار ـ مصادر ـ صنائع ـ فنون ـ آثار ـ رجال ـ مسامع) ... ، هى مما يسمونه : «جمع التكسير». يريدون : أن كل واحدة منها تتضمن أمرين معا ، هما : معنى ينصب على أفراد لا تقل عن ثلاثة ، وقد تزيد ـ. ووجود مفرد لكل واحدة ، يشاركها فى معناها ، وفى حروفها الأصلية مع اختلاف يطرأ على صيغة هذا المفرد عند جمعه عليها.
فكلمة : «شفاه» ـ مثلا ـ تدل على شفاه ثلاث على الأقل ـ وقد تزيد ـ ولها مفرد هو : «شفة» ، يشاركها فى معناها ، وفى حروفها الأصلية ، مع اختلاف طرأ عليه عند الجمع ؛ إذ صارت «الشين» مكسورة بعد أن كانت مفتوحة ، وزيدت «ألف» قبل الآخرة لم يكن لها وجود قبل الجمع ؛ فالاختلاف هنا بزيادة بعض الحروف ، وبتغيير بعض الحركات.
وكلمة : «همم» ـ مثلا ـ تدل على ثلاثة فأكثر من هذا النوع ، ومفردها «همّة» يشاركها فى معناها ، وفى حروفها الأصلية. وقد تغيرت صيغته عند جمعه للتكسير بعض تغير ؛ فحذفت التاء من آخره ، وانفك الإدغام الذى كان فى ثانيه. فالتغير الذى طرأ على المفرد عند جمعه كان فى الحركات وفى الفكّ.
__________________
(١) أحمد شوقى ، المتوفى سنة ١٩٣٢ م.
(٢) المراد : تؤخذ تلقينا ، أو وراثة مجردة.
(٣) أصولها وأصحابها.
(٤) صوتا مدويا ، كصوت النحاس أو الطبل.