زيادة وتفصيل :
(ا) لبعض النحاة كلام مفيد فى «واو المعية» ، يتضمن ما قلناه. وملخص كلامه : أن المضارع ينصب بعد : «واو المعية» فى سائر المواضع التى ينصب فيها بعد : «فاء السببية» ؛ وهى المواضع التى تكون مسبوقة فيها بالنفى وملحقاته ، والطلب المحض وما حمل عليه.
وإنما يصح النصب إذا أردت المصاحبة الحقيقية والاجتماع بين المعنى الذى قبل الواو ، والمعنى الذى بعدها وقت حصولهما وتحققهما. والدلالة على أنهما يحصلان ويتحققان معا فى وقت واحد. ولم ترد مجرد الاشتراك المطلق بين المعنيين اشتراكا لا مصاحبة فيه ولا اجتماع عند وقوعهما. وإذا نصبت المضارع بعد الواو فهى للعطف أيضا ؛ فتعطف المصدر المنسبك بعدها على مصدر قبلها ، لأنها مع إفادتها المعية ، والمصاحبة تفيد العطف أيضا ، وليست مقصورة على مجرد التشريك بين المعنيين كالذى تقتضيه واو العطف المحضة. أى : أن واو المعية هنا تقتضى التشريك والمصاحبة الحتمية معا (١) ، وهما من خصائصها دون الواو المجردة للعطف وحده.
ثم يقول : نعم ، إن الواو العاطفة قد تحتمل المصاحبة أحيانا كما فى قولك : جاء محمد وعلى ، ويتكلم محمود ، ويصرخ ، وينظر ... ولكن هذا مجرد احتمال لا يقين معه ، وليست المصاحبة أمرا مقطوعا فيه ، ولا منصوصا عليه ؛ إذ معنى العطف بالواو الدلالة على مجرد الاشتراك ، دون زيادة على ذلك ؛ من ترتيب ، أو تعقيب ، أو إمهال ، أو مصاحبة ، أو غيرها. وهذه هى مهمتها الأصيلة ، وما عداها يكون أمرا محتملا ؛ يحتاج فى القطع به إلى قرينة أخرى حالية ، أو مقالية ، فإن لم توجد القرينة بقى الاشتراك المجرد على حاله مقطوعا به ، وما عداه فموضع الاحتمال ، بخلاف الواو الدالة على المعية والمضارع بعدها منصوب ؛ فإنها للأمرين مجتمعين ؛ فهى للعطف ، وللمعية معا ، ولا مجال للاحتمال فى أحدهما ؛ إذ المعية مقطوع بها (٢) هنا كالعطف.
ومتى ثبت أن المضارع لا ينصب إلا بعد الواو التى للمعية ـ بالشروط التى عرفناها ـ ثبت كذلك أنه لا يصح نصبه بعد غيرها ؛ كالواو التى للاستئناف والجملة المضارعية بعدها مستأنفة. وكالواو التى للحال ، والجملة المضارعية بعدها خبر لمبتدأ
__________________
(١) فى الرأى الشائع.