ورأيه وجيه.
ويخالفه فريق آخر ، بحجة التشابه القوى بين الحرفين فى نواح متعددة فلا عيب فى حمل واو المعية على فاء السببية. وفى هذا الرأى تيسير ، ولكن فيه إهدار لأهم الأسس التى تراعى ، ولهذا يحسن عدم الأخذ به قدر الاستطاعة : احتراما للأساس الأهم السابق.
ا ـ فمن أمثلة واو المعية بعد النفى قول أعرابى يجرى إلى ساحة القتال : لا ألزم دراى وأشهد الأبطال يمضون للجهاد سراعا ، ولا أموت على فراشى كالبعير المهزول ، وأبصر الرجالات فى حومة الوغى شهداء.
ب ـ ومن أمثلتها بعد أنواع الطلب ما يأتى (١) :
١ ـ بعد الأمر : أيها الصديق : اغفر هفوتى وأغفر هفوتك ؛ لتدوم صداقتنا ، وساعدنى وأساعدك لنتغلب على المشقات ، ولتحذر وأحذر دسائس الأعداء ؛ لنعيش فى سلام.
ولا خلاف فى نصب المضارع «بأن» المضمرة وجوبا بعد واو المعية إذا كانت الواو مسبوقة بإحدى صيغتى الأمر المحض (٢). أما الدلالة على الأمر بغيرهما (كالدلالة عليه باسم الفعل ، أو بصيغة اسم ، أو بجملة خبرية ...) فالحكم هنا كالحكم فى فاء السببيّة (٣).
٢ ـ بعد النهى :
لاتنه عن خلق وتأتى مثله |
|
عار عليك ـ إذا فعلت ـ عظيم |
٣ ـ بعد الاستفهام :
ألم أك جاركم ويكون بينى |
|
وبينكمو المودة والإخاء |
ومثل :
أتبيت ريّان الجفون من الكرى |
|
وأبيت منك بليلة الملسوع |
٤ ـ بعد التمنى : قوله تعالى حكاية لقول الكفار يوم القيامة : (يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا ...)
__________________
(١) مع ملاحظة أن المعطوف بواو المعية والمعطوف عليه مصدران ـ كما شرحنا ـ فليس فى الكلام عطف جملة خبرية بعد الواو على جملة طلبية قبلها مما يمنعه النحاة ، ولا عطف فعل على فعل. وكل هذا بشرط نصب المضارع بعد الواو.
(٢) وهما : فعل الأمر الصريح ، ولام الطلب الجازمة الداخلة على المضارع ـ وبيانهما فى ص ٣٤٤ ـ
(٣) ص ٣٤٥.