على الغاية ، أو الدلالة على التّعليل. أو على الاستثناء ، طبقا لما شرحناه (١). ولا مانع أن تجىء «حتى» صالحة للدلالة على أكثر من معنى واحد ، عند فقد القرينة التى تعين معنى دون غيره.
* * *
٣ ـ ويجوز رفع المضارع ونصبه إذا كان معناه مستقبلا بالنسبة للمعنى الذى قبل : «حتى» بأن يكون المعنى بعدها قد تحقق قبل الزّمن الحالى كما تحقق المعنى قبلها ؛ فكلاهما قد وقع وتحقق فعلا قبل النطق بالكلام الذى قبلها والذى بعدها ... غير أن تحقّق معنى المضارع تأخر عن تحقق المعنى السابق عليها ؛ فهو مستقبل بالنسبة للسّابق ، أى : أن المعنيين قد وقعا وحصلا قبل الكلام. ولكن أحدهما وهو الذى قبل «حتى» ـ أسبق فى زمن تحققه وحصوله من المتأخر عنها ولهذا يعتبر المتأخر إلى زمنه (وهو ما يلى «حتى») مستقبلا بالنسبة لما قبلها (٢) ؛ لتحقق معناه بعد ذلك المتقدم عليها. وكل هذا بغير : «حكاية الحال الماضية» وبغير تخيل أنها قائمة الآن (٣) بطريق الحكاية.
ومن الأمثلة ما قاله أحد المؤرخين : (بنى المعز لدين الله الفاطمى مدينة القاهرة حتى تكون مقرّا لحكمه ، ومأوى يتسع لأعوانه وجنده. ولما تمّ بناؤها عرضت عليه أسماء كثيرة حتى يختار منها اسما ؛ فاختار لها : «القاهرة» ...) فالمعنى قبل «حتى» ـ وهو بناء القاهرة ـ قد تحقق وفات. وكذلك اتخاذها مقرّا للحكم ومأوى. إلا أن البناء تحقق أولا ، ثم تحقق بعده المقرّ. فالمقر معنى متأخر فى زمن حصوله عن زمن البناء ، ولهذا يعتبر مستقبلا بالنسبة لزمن البناء ... وكذلك تمام بنائها أمر فات وانتهى ، ومثله اختيار اسم لها. فالمعنيان قد فاتا وانقضى زمنهما. غير أن اختيار الاسم متأخر عن تمام البناء ، فهو مستقبل بالنسبة لتمام البناء ، بالرغم من أن كلا منهما قد انتهى وانقضى. ولكن أحدهما (وهو
__________________
(١) فى ص ٣١٥ وما بعدها.
(٢) يجب التنبه إلى أن استقباله إنما هو بالنسبة للمعنى الذى قبل «حتى» فلو كان زمنه مستقبلا أو حاليا بالنسبة لزمن التكلم لوجب تغيير الحكم بما يوافق هذا ويناسبه.
(٣) لأن تخيل الحال الماضية وحكايتها ، يجعل زمن المضارع للحال تأويلا كما سبق. فيرفع وجوبا ويترتب على الرفع الآثار المعنوية التى شرحناها ، (فى رقم ٤ من هامش ص ٣٢٣).