قائمة الکتاب

    إعدادات

    في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
    بسم الله الرحمن الرحيم

    النّحو الوافي [ ج ٤ ]

    النّحو الوافي

    النّحو الوافي [ ج ٤ ]

    المؤلف :عبّاس حسن

    الموضوع :اللغة والبلاغة

    الناشر :دار المعارف

    الصفحات :739

    تحمیل

    النّحو الوافي [ ج ٤ ]

    326/739
    *

    ما يلى «حتى») متأخر فى زمنه عما سبقها ... وبسبب هذا التأخر كان مستقبلا بالنسبة للسابق ، من غير حكاية حال ماضية ، ولا تخيل إرجاعها.

    ومن الأمثلة أيضا قول مؤرخ آخر : (استطاع المسلمون الأوائل فتح فارس. والشام ، ومصر ، فى شهور قلائل ؛ لأن سلطان العقيدة غلب كل سلطان آخر ، فوهب الرجل منهم نفسه للقتال حتى ينتصر أو يموت شهيدا ، لا يعرف التردد ، ولا الفرار ، ولا الخيانة. وخاض المعركة حتى يبلغ أمنيته فى النصر أو الاستشهاد ...) فالمعنى قبل «حتى» ـ وهو : الهبة للقتال ـ قد مضى وانتهى. وكذلك المعنى بعدها ؛ وهو : النصر ، أو الموت. إلا أن الهبة أسبق فى مضىّ زمنها ؛ ولذا يعد الثانى ـ وهو المتأخر فى زمن انقضائه ـ مستقبلا بالنسبة للأسبق.

    ومثل هذا يقال فى خوض المعركة ، وفى بلوغ الأمنية ، فكلاهما ماضى المعنى قد فات وقته حقّا ، إلا أن خوض المعركة أسبق فى المضى من بلوغ الأمنية ، فكان بلوغ الأمنية ـ بسبب تأخر زمنه ـ مستقبلا بالنسبة لخوض المعركة.

    وجواز الرفع والنصب فى هذه الحالة وأشباهها قائم على أساس التأويل ؛ فالرفع على تخيل زمن المضارع حالا مؤولة افتراضا ، من غير حكاية ؛ لأن المضارع الذى للحال المحكية يجب رفعه ـ كما تقدم (١) ـ والنصب إما على اعتباره مستقبلا بالنسبة للمعنى الذى قبل «حتى» ، لا بالنسبة لزمن التكلم. وإما على اعتبار العزم والنية على تحقيق معنى المضارع قبل وقوع معناه. وفى صورة رفعه تكون «حتى» ابتدائية ، وفى صورة نصبه تكون جارة والمضارع بعدها منصوب بأن المضمرة وجوبا ـ كما أسلفنا ـ

    ومن الخير عدم استعمال هذه الصورة القليلة التى يصح فيها الأمران (٢) ، وإهمالها قدر الاستطاعة.

    * * *

    __________________

    (١ و ١) التفرقة دقيقة بين هذه الصورة والحال المؤولة ؛ ولهذا اعتبرهما ـ بحق ـ فريق من النحاة شيئا واحدا ، وخالف بعض المحققين : بأن حكاية الحال المؤولة توجب الرفع ، وتفيد معنى هاما لا يستفاد من غيرها ـ وقد شرحناه فى الصفحات الماضية (كالذى فى رقم ٤ من هامش ص ٣٢٣) .. ـ أما تأويل المضارع الذى ليس للحال بالحال من غير قصد حكاية فيجيز الأمرين ويفيد المعنى نوع تقوية يجعله قريبا من المحكى فى أنه بمنزلة الأمر المحقق الآن. وفى كل هذا تشعيب وتكلف يجعل الرأى الذى يرفض هذا النوع هو الرأى الأنسب ، بالرغم من صحة الرأى الآخر.