الأداة الثانية : «أو» العاطفة (١) التى بمعنى : «حتى» ، أو «إلّا» الاستثنائيّة : ينصب المضارع بأن مضمرة وجوبا بعد «أو» العاطفة فى موضعين :
أحدهما : أن تكون «أو» العاطفة صالحة للحذف ، ووضع «حتى» فى مكانها من غير أن يتغير المعنى ؛ سواء أكانت : «حتى» دالة على الغاية ، أم دالة على التعليل.
(ا) فالدالة على الغاية : (ويسمونها : «الغائية» أو : التى بمعنى : «إلى») هى التى ينقضى المعنى قبلها شيئا فشيئا ، لا دفعة واحدة ، ويتم انقضاؤه بمجرد وقوع ما بعدها ، وتحقق معناه ؛ فإذا وقع ما بعدها انقطع ما قبلها نهائيّا. وذلك بأن يكون لما قبلها نوع امتداد زمنى ، واستمرار معنوى متلاحق ، لا ينقطع ولا يتوقف نهائيّا إلا بتحقّق ما بعدها وحصوله ، فإذا تحقق ما بعدها وحصل انقطع المعنى قبلها بمجرد هذا التحقق والحصول ؛ نحو : أقرأ الكتاب ، أو أتعب ، (أى : حتى أتعب ، أو : إلى أن أتعب) ، فقراءة الكتاب تتطلب وقتا ، يتابع بعضها بعضا فيه ، ولا تتم دفعة واحدة بغير استمرار زمنى ، فإذا حصل التعب ـ وهو المعنى الذى بعد «أو» ـ انتهت القراءة وانقضت بمجرد حصول هذا. ونحو : أتناول الطعام أو أشبع. (بمعنى : حتى أشبع ، أى : إلى أن أشبع) فتناول الطعام لا يتم دفعة واحدة ؛ وإنما يستغرق وقتا يتوالى فيه بعضه وراء بعض ، ويستمر هذا حتى يجصل الشبع ويتحقق ـ وهو المعنى الذى بعد : «أو» فإذا حصل وتحقق انقطع تناول الطعام ، ومثل : أنام الليل أو يطلع الفجر ، وأصلى الصبح وأتعبد أو تشرق الشمس (٢) ...
__________________
(١) يجرى على هذه الأداة الأحكام العامة التى سبقت فى رقم ٢ من هامش ص ٢٩٨ ، والتى تجرى على كل نظائرها التى تنصب المضارع بأن المضمرة وجوبا.
(٢) ومما يصلح لذلك قول امرئ القيس يخاطب رفيقه فى السفر : (وكان امرؤ القيس قد صمم على الأخذ بثأر أبيه ممن قتلوه ؛ فقصد قيصر الروم ليستعين به على تحقيق غرضه. واستصحب معه فى سفرته الطويلة الشاقة عمرو بن قميئة الذى جزع وتوجع مما حاق بهما من المشقات. وهو الذى يقصده امرؤ القيس بقوله :
بكى صاحبى لما رأى الدرب دونه |
|
وأيقن أنّا لا حقان بقيصرا |
فقلت له : لا تبك عينك إنما |
|
نحاول ملكا ، أو نموت فنعذرا. |
والشطر الأخير هو محل الشاهد.