زيادة وتفصيل :
(ا) هل تفقد : «إذن» صدارتها بسبب تقدم الواو أو الفاء عليها؟
إذا تقدم أحد الحرفين المذكورين جاز إعمال «إذن» ؛ فتنصب المضارع بعدها ، وجاز إهمالها ؛ فلا تنصبه ، فمن اعتبر الحرفين للاستئناف كانت عنده : «إذن» فى صدر جملة جديدة مستقلة بإعرابها ؛ (لأنها مستأنفة). فتنصب المضارع. ومن اعتبرهما لعطف المضارع وحده بدون فاعله على مضارع وحده كانت حشوا ؛ فلا تنصب المضارع. وقد قرئ بهما قوله تعالى : (وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ (١) مِنَ الْأَرْضِ ؛ لِيُخْرِجُوكَ مِنْها ، وَإِذاً لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلَّا قَلِيلاً) ، أو : (وَإِذاً لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ ...) واعتبارها للاستئناف ، أو : لعطف مضارع وحده على مضارع وحده ، حكم خاضع للسياق ، ولما يقتضيه المعنى ؛ فلا بد من ملاحظة هذا ، ومن ملاحظة أمر هامّ آخر ؛ هو ، أن عطف الفعل المضارع وحده (أى) : بدون فاعله على الفعل المضارع وحده يختلف عن عطف الجملة المضارعية كاملة على نظيرتها المضارعية (٢) وغير المضارعية من ناحية الإعمال والإهمال. فعطف المضارع على المضارع يوجب الإهمال ؛ لأن المعطوف هنا لا يستقل بنفسه ؛ فلا بد أن يتبع المعطوف عليه فى إعرابه ، فهو تابع له ؛ فلا تكون «إذن» واقعة فى صدر جملة مستقلة فى إعرابها ؛ نحو : لم يحضر الغائب ، وإذا يسترح أهله. أى : لم يحضر الغائب ولم يسترح أهله ؛ فجزم المضارع «يسترح» دليل على أنه معطوف وحده على : «يحضر» عطف فعل على فعل ، لا عطف جملة على جملة ؛ إذ لو كان المعطوف جملة لم يصح جزم «يسترح» لعدم وجود ما يقتضى جزمه.
أما عطف الجملة المضارعية على جملة قبلها (مضارعية أو غير مضارعية ، كالماضوية والاسمية) فيتوقف الحكم فيه على حالة السابقة ؛ ألها محل من الإعراب أم ليس لها محل؟ فإن كان لها محل من الإعراب وجب إهمال : «إذن» ؛ لوقوعها فى صدر جملة تابعة فى إعرابها لجملة أخرى سبقتها ، وبهذه التبعية لا تكون فى صدر جملة مستقلة بنفسها فى الإعراب ؛ نحو إن للطيور المهاجرة رائدا يتقدمها ؛
__________________
(١) يستفزون : يزعجون ويؤلمون.
(٢) سبق (فى ج ٣ ص ٤٧٤ م ١٢١) ـ إيضاح الفروق الدقيقة بين عطف الفعل وحده على الفعل وحده ، وعطف الجملة على الجملة ولا سما عطف الفعلية على الفعلية.