عن الاستفهام المذكور فى سابقتها. ووجود كلمة : «إذن» رمز يوحى أن الإجابة مذكورة فى هذه الجملة.
ولا فرق فى وقوعها دالة على الجواب بين أن تكون فى أول جملتها ، ووسطها ، وآخرها ، غير أنها لا تنصب المضارع إلا إذا كانت فى صدر جملتها ، ـ كما سيجىء ـ تقول : فى المثال الأول : (إذن أعتذر لك مخلصا) ، أو : (أعتذر ـ إذا ـ لك مخلصا) أو : (أعتذر لك مخلصا ـ إذا).
والمراد من أنها للجزاء ـ غالبا ـ دلالتها على أن الجملة التى تحتويها تكون فى الغالب مسببة عما قبلها ، وتعدّ أثرا من آثاره ؛ توجد بوجوده ، وترتبط به عادة ، كالمثالين السالفين ، وفيهما تبدو السببية واضحة بين الاعتذار والإغضاء عن الهفوة ، وكذلك بين التخفيف عن البائس ومصادفته ، فكأن المجيب يقول : إن كان الأمر كما ذكرت فإنى أعتذر ... أو : إنى أبذل طاقتى ، أى : فالجزاء ... (١) فإن لم يوجد بين الجملتين جزاء لم يصح ـ فى الغالب ـ مجىء «إذن» ؛ كأن يقول الصديق : سأغضى عن الهفوة ؛ فتجيب : إذا ينزل المطر ، وكأن يقول قائل : سأقرأ الصحف ؛ فيجاب : إذا تغرب الشمس ؛ إذ لا علاقة ولا ارتباط بين المعنى فى الجملتين ؛ فالكلام لغو.
وإنما كانت دلالتها على «الجزاء» غالبية ، لأنها ـ أحيانا قليلة ـ لا تدل عليه إذا استغنى المقام عنه ، فتتمحض للجواب وحده ، كأن يقول الشريك لشريكه : أنا أحبك. فيجيب : إذا أظنّك صادقا ؛ لأن الصدق لا يصلح جزاء مناسبا للمحبة (٢) ، وأيضا فهذا الظن حالىّ الزمن ، والجزاء لا يكون إلا مستقبلا. وبسبب الحالية فى هذا المثال لم تنصب المضارع.
(ح) وأما عملها فنصب المضارع بنفسها مباشرة ، وتخليص زمنه للاستقبال ؛ ـ كسائر الأدوات الناصبة له ـ وإنما تنصبه وجوبا إذا اجتمعت شروط أربعة (٣) :
__________________
(١) راجع شرح المفصل (ج ٧ ص ١٥ وح ٩ ص ١٤ فى الكلام على : «إذن»).
(٢) فدلالتها الحتمية على الجواب لا تقتضى دلالة حتمية على الجزاء ، فمن الممكن الاستغناء عن ذكره فى بعض الحالات ؛ إذ ليس من اللازم أن يكون الجواب عن شىء مسببا عن ذلك الشىء ، ومعلولا له.
(٣) شرح المفصل (ج ٩ ص ١٤) فقد زاد الشرط الأول الآتى ، الذى جعل الشروط أربعة لا ثلاثة. ورأيه سديد.