فى بعض الكلام الفصيح ، فالأجدل : يلحظ فيه القوة ؛ لأنه مشتق من الجدل (بسكون الدال) بهذا المعنى. والأخيل : يلحظ فيه التلون ؛ لأنه من الخيلان ، بهذا المعنى. والأفعى : يلحظ فيها الإيذاء الذى اشتهرت به ، واقترن باسمها (١) ، وعلى أساس التخيّل والملاحظة المعنوية مع السماع يجوز منع الصرف. ولكن الأنسب الاقتصار على صرف هذه الأسماء ؛ لغلبة الاسمية عليها.
وهناك ألفاظ وضعت أول نشأتها أوصافا أصلية ، ثم انتقلت بعد ذلك إلى الاسمية المجردة (٢) وبقيت فيها ، فاستحقت منع الصرف بحسب أصلها الأول الذى وضعت عليه ؛ لا بحسب حالتها الجديدة التى انتقلت إليها ؛ مثل : «أدهم» للقيد (٣) ؛ فإنه فى أصل وضعه وصف للشىء الذى فيه دهمة ، (أى : سواد) ، ثم انتقل منه ؛ فصار اسما مجردا للقيد ؛ ومثل : «أرقم» ؛ فإنه فى أصل وضعه وصف للشىء المرقوم ، (أى : المنقّط) ثم انتقل منه فصار اسما للثعبان الذى ينتشر على جلده النقط البيض والسّود. ومثل : «أسود» فأصله وصف لكل شىء أسود ، ثم انتقل منه ؛ فصار اسما للثعبان المنقط بنقط بيض وسود ، ومثل : «أبطح» وأصله وصف للشىء المرتمى على وجهه : ثم صار اسما للمكان الواسع الذى يجرى فيه الماء بين الحصى الدقيق ، ومثل : «أبرق» ، وأصله وصف لكل شىء لامع براق ، ثم صار اسما للأرض الخشنة التى تختلط فيها الحجارة والرمل والطين.
وقد يجوز صرف هذه الأسماء على اعتبار أن وصفيّتها الأصيلة السابقة قد زالت بسبب الاسمية الطارئة. ولكن الاقتصار على الرأى الأول أنسب.
ويفهم مما سبق ـ فى غير كلمة : أربع (٤) ـ أن الوصفية الأصيلة الباقية لا يصح إغفالها فى منع الصرف. أما الوصفية الطارئة القائمة ، أو الوصفية الأصيلة التى زالت وحل محلها الاسمية الطارئة المجردة ؛ فيصح أن يلاحظ كل منهما عند منع الصرف ، أو لا يلاحظ ؛ بمعنى أنه يجوز ـ عند وجود إحداهما مع العلة الثانية ـ صرف الاسم ومنعه من الصرف ، بشرط تحقق الشرط الثانى ، (وهو ألا يكون تأنيث
__________________
(١) يرى بعض النحاة أن «أفعى» لا مادة لها فى الاشتقاق. ويرى آخرون ـ بحق ـ أنها مشتقة من فعوة السم أى شدته.
(٢) الخالية من الوصفية والعلمية.
(٣) المصنوع من الحديد.
(٤) لما سبق فى هامش الصفحة الماضية.