الدجاج إلى الطعام والشراب ... «وحاحا» للضأن ، «وعاعا» للمعز ؛ ليحضر الطعام ...
ثانيهما : ألفاظ صادرة من الحيوان الأعجم (١) ، أو مما يشبهه كالجماد ونحوه ، فيرددها الإنسان ويعيدها كما سمعها ؛ تقليدا ، ومحاكاة لأصحابها ، من غير أن يقصد من وراء هذا دلالة أخرى. فقد كان العربى يسمع صوت الغراب ، فيقلده قائلا : غاق ، أو : صوت الضّرب ؛ فيقول محاكيا : طاق ، أو صوت وقوع الحجارة ، فيحاكيه : طق ، أو صوت ضربة السيف فيردده : قب ، أو صوت طىّ القماش ، فيقول : قاش ماش (٢) ... إلى غير هذا من الأصوات التى كان يسمعها فيحاكيها (٣) دون أن يريد من المحاكاة معنى آخر.
أشهر أحكامها :
١ ـ أنها أسماء (٤) مبنية ، لا محل لها من الإعراب ، ما دامت أسماء تدل على
__________________
(١) أما الحيوان الناطق فألفاظه ذات معان ، وإلا كان كغيره.
(٢) قاش ماش (بكسر الشين فيهما) مركب مزجى مبنى على الكسر لا محل له من الإعراب ، وهو من المركبات المزجية المتعددة التى تكون اسم صوت مع تركيبها المزجى.
(٣) وفى النوعين السابقين يقول ابن مالك فى الباب الذى عنوانه : «أسماء الأفعال والأصوات» :
وما به خوطب مالا يعقل |
|
من مشبه اسم الفعل ـ صوتا يجعل |
(التقدير : ما به خوطب ما لا يعقل ... يجعل صوتا) يريد : أن ما يشبه اسم الفعل ـ فى أنه لا يحتاج فى أداء المراد منه إلى لفظ آخر ـ يسمى : اسم صوت. وهذا تعريف قاصر مبتور ، فوق أن تشبيه اسم الصوت باسم الفعل فيما سبق غير صحيح. لأن اسم الفعل لا بد له من فاعل ظاهر أو ضمير ، فلا ينفرد بنفسه ، وقد يحتاج لمعمولات أخرى ... كما سبق فى بابه (ص ١٤٩). ثم اقتصر فى بيان أنواعه وأحكامه على بيت واحد حتم به الموضوع هو :
كذا الّذى أجدى حكاية ؛ كقب |
|
والزم بنا النّوعين ؛ فهو قد وجب |
المراد : حكاية صوت الجماد وغيره. وقب : صوت السيف. واسم الصوت بنوعيه مبنى وجوبا كما يقول فى بيته. وقوله يحتاج إلى تفصيل وإبانة :
(٤) يعترض بعض النحاة على اسميتها ؛ بحجة أن الاسم لا بد أن يكون له معنى مفرد ، مفهوم.
وهذه الألفاظ لا تدل على معنى مفهوم ؛ لأنها توجه إلى من لا يفهم ، ويخاطب بها غير العاقل.
وقد دفع هذا الاعتراض بأن المقصود بدلالة الاسم على معنى مفرد مفهوم أنه إذا أطلق فهم منه العالم بالوضع ـ