والسّخف ، والعظمة (١) ، فإنها عداوة مجتلبة (٢) من غير إحنة (٣)). وتقول عند العطف على الضمير المرفوع وحده : إياك أنت والصديق ، بالفصل.
وكل ما تقدم مبنى على أن الضمير الفاعل ينتقل من الفعل المحذوف ، ويستتر فى «إياك» وإخوته. وهو رأى لا يأخذ به فريق آخر يقرر أن الفعل وفاعله حذفا معا ، ولم يرجع الفاعل المحذوف ليستكن فى «إياك» وفروعه ، فليس معنا إلا ضمير واحد هو الضمير المنصوب البارز (إياك وفروعه). والأخذ بهذا الرأى أولى ؛ لبعده من التكلف والتعقيد ؛ ولأن الفريق الأول لم يؤيد رأيه ـ فيما رجعت إليه ـ بأمثلة من الكلام الفصيح يكون لها وحدها القول الفصل.
(ج) يقول الرضىّ : (إن «المحذّر منه» المكرر يكون اسما ظاهرا ؛ نحو : الأسد الأسد ، وسيفك سيفك. ويكون مضمرا ؛ كإياك إياك ، وإياه إياه : وإياى إياى)».
والأحسن العدول عن المضمر لندرة الأمثلة الواردة منه ندرة لا تبيح القياس عليه ، ولا سيما ضمير غير المخاطب.
(د) قد يرفع ، المكرر والمعطوف فى أسلوب التحذير ـ وفى أسلوب الإغراء ، وسيأتى قريبا (٤) ـ وفى هذه الحالة لا يكون الأسلوب تحذيرا اصطلاحيا. قال الفراء فى قوله تعالى : (ناقَةَ اللهِ وَسُقْياها) : نصبت كلمة : «الناقة على التحذير (٥). ولو رفعت على إضمار مبتدأ مثل كلمة : «هذه» لجاز ، وكان التقدير هذه ناقة الله ؛ لأن العرب قد ترفع ما فيه معنى التحذير.
(ه) يصح فى كثير من أمثلة التحذير المشتملة على الواو أن تكون هذه الواو للمعية إذا استقام المعنى عليها ؛ نحو : يدك والسيف ـ أصابعك والحبر ... فلا مانع هنا أن تكون الواو للمعية ، والمراد : راقب يدك مع السيف ـ باعد أصابعك مع الحبر ... أو نحو هذا التقدير ؛ فالاعتبار الأول دائما هو للمعنى وصحة التركيب. فإن اقتضى العطف وحده ، أو المعية وحدها ، أو جوازهما نزلنا على حكمه كما سبق (٦).
__________________
(١) المراد بها : الكبر.
(٢) مجلوبة ، يجرها صاحبها على نفسه بعمله ، وليس البعد منها أمرا خارجا عن اختياره.
(٣) الإحنة : العداوة. يريد : أن المرء يجلب لنفسه العداوة بسبب تلك الصفات. لا بسبب عداوة سبقت إليه يدفع ضررها عنه.
(٤) فى ص ١٣٢.
(٥) ويجوز أن تكون منصوبة على الإغراء ـ كما سيجىء فى رقم ٢ من هامش ص ١٣٢.
(٦) فى «ا» ص ١٢٩ ...