واترك التّعرض للعيوب ... وهكذا من غير تقيد بشىء إلا نصب الاسم بعد الواو ، واختيار فعل ـ أىّ فعل ـ يناسب المقام ، ويساير الأسلوب الصحيح. وعلى هذا تكون الواو حرف عطف ، والجملة بعدها معطوفة على الجملة التى قبلها. وبالرغم من حذف الفعل ومرفوعه فى كل جملة ؛ يراعى المحذوف هنا فى العطف كأنه مذكور ؛ ففى الأسلوب جملتان ، الثانية منهما معطوفة بالواو على الأولى.
فإن لم تكن الواو مذكورة فالأسهل إعراب المنصوب بعدها مفعولا به للفعل : «أحذّر» المحذوف ؛ لأنه قد ينصب مفعولين بنفسه مباشرة. فأول المفعولين هو : «إياك» وفروعه ، وثانى المفعولين هو الاسم الظاهر الواقع بعد الضمير «إياك» ، وفروعه.
أما إذا قلنا : «إياك من النميمة ...» «إياك من التّعرض للعيوب ...». فإن الجار مع مجروره متعلقان بالفعل المحذوف وجوبا وهو : «أحذر» ؛ لأنه قد يتعدى ـ أيضا ـ لمفعولين ؛ ينصب أحدهما بنفسه مباشرة ويتعدى للآخر بحرف الجر : «من».
وفى جميع الصور السالفة يجوز تكرار الضمير «إياك» وعدم تكراره ؛ فلا يتغير شىء من الأحكام المتقدّمة ، ويعرب «إياك» الثانى توكيدا لفظيّا للأول.
ولا يصح أن يكون الضمير «إيّا» المحذّر مختوما بغير علامة الخطاب (١) فلا يقال : إياى ومعاونة الظالم ، ولا إياه ومعاونة الظالم ؛ لأن المتكلم لا يحذر نفسه ، ولا يحذر الغائب. وقد وردت من هذا النوع الممنوع أمثلة نادرة ، لا يصح القياس عليها.
لكن يصح أن يكون المحذّر منه ضميرا غائبا معطوفا على المحذّر ؛ نحو : لا تصاحب الأحمق ، وإياك وإياه فالضمير «إياه» فى حكم كلمة «النميمة» فى مثال : إياك والنميمة ... ومن هذا قول الشاعر القديم :
فلا تصحب أخا الجه |
|
ل وإياك وإياه |
__________________
ـ الكاف) مقامه ؛ فصار منصوبا مثله ؛ وأتينا بدله بضمير منفصل ؛ هو : «إياك» ، للسبب الذى بيناه. ونعود فنكرر هنا ما رددناه ؛ وهو : أن تقدير الفعل المحذوف فى جميع مسائل هذا الباب ـ وغيره ـ متروك للمتكلم يختاره بغير قيد ، إلا قيد المناسبة للسياق ، ومسايرته للتركيب الصحيح. ومن المسايرة للتركيب الصحيح ألا تعطف الجملة الثانية على الأولى إذا كانت إحداهما خبرا والأخرى إنشاء ، طبقا للرأى الأقوى.
(١) غيرها هو علامة التكلم ، أو الغياب.