المسألة ١٤٠ :
التحذير والإغراء
(ا) التحذير : «تنبيه المخاطب على أمر مكروه ؛ ليجتنبه» (١). والأصل فى أسلوب التحذير أن يشتمل على ثلاثة أمور مجتمعة :
أولها : «المحذّر» ، وهو المتكلم الذى يوجّه التنبيه لغيره.
ثانيها : «المحذّر» وهو الذى يتجه إليه التنبيه.
ثالثها : «المحذور» ، أو «المحذّر منه» وهو : الأمر المكروه الذى يصدر بسببه التنبيه.
ولكن هذا الأصل قد يعدل عنه أحيانا كثيرة ، فيقتصر الأسلوب على بعض تلك الأمور الثلاثة ، كما سنعرف.
ولأسلوب التحذير صور مختلفة ؛ منها : صورة الأمر ؛ كالذى فى قول الشاعر :
احذر مصاحبة اللئيم ؛ فإنها |
|
تعدى كما يعدى السليم الأجرب |
ومنها : صورة النهى ؛ كقول الأعرابى فى لغته ، وقد فتنته :
لا تلمنى فى هواها |
|
ليس يرضينى سواها ... |
ومنها : المبدوءة بالضمير «إيّاك» (٢) وفروعه الخاصة بالخطاب (٣) ؛ كالذى
__________________
(١) هذا تعريف لغوى يردده ـ بنصه ـ كثير من النحاة. ويفضل بعضهم أن يقال : (إنه اسم منصوب ، معمول للفعل : «أحذر» المحذوف ، ونحوه.) لأن هذا يناسب مهمة النحو التى هى البحث فى أحوال الكلم إعرابا وبناء. وأيضا ليدخل فى التعريف نحو قول الشاعر :
بينى وبينك حرمة |
|
الله فى تضييعها |
بنصب كلمة : «الله» ، بعامل محذوف تقديره : احذر ، أو : اخش ، أو : اتق ، أو نحو ذلك ... فبناء على التعريف اللغوى يكون : «الله» هو الأمر المكروه ؛ وهذا لا يليق.
(٢) بكسر الهمزة ، مجاراة لأفصح اللغات ، وأشهرها ، ويجوز فتحها فى لغة ، كما يجوز قلبها «هاء مكسورة» فى لغة أخرى.
(٣) هى : إياك ، وإياكما ، وإياكم ، وإياكن.