بقى سؤال هام : لم الالتجاء إلى «المضاف إليه» الجملة ، دون الالتجاء المباشر إلى «المضاف إليه» المفرد الذى تؤوّل به ، ومعلوم أن الجملة إذا وقعت «مضافا إليه» صارت فى حكم المفرد وتأويله ـ كما تقدم؟ ـ.
السبب : أن الجملة حين تقع «مضافا إليه» ـ مباشرة ـ تفيد ما يفيده المفرد الذى تكون فى حكمه ، تقديرا ، ويحل محلها بعد أن تؤول به ، ولكنها تزيد فائدة أخرى لا يؤديها هذا المفرد ؛ هى : أنها تدل على مضىّ الزمن إن كانت ماضوية ، وعلى حاليّته أو استقباله وتجدده أو عدم تجدده إن كانت مضارعية ، وتدلّ على مجرد الثبوت وما يتصل به إن كانت اسمية ، فالمضاف إليه ـ وهو هنا المفرد الناشئ عن الجملة بعد تأويلها ـ مصدر يفيد مجرد الحدث ؛ (أى : المعنى الخالى من الدلالة على الزمن وما يلابسه ، ومن الدلالة على الثبوت وما يلازمه) ، بخلاف المضاف إليه إذا كان جملة فعلية ؛ فإنها تدل على الحدث مزيدا عليه الزمن بملابساته ، وإذا كان جملة اسمية ؛ فإنها تدل على المعنى مع إفادة الثبوت ... و ...
ح ـ عند إضافة «إذ» لجملة اسمية ، الخبر فيها جملة فعلية ، يجب ـ وقيل : لا يجب ، وإنما يستحسن ـ ألا يكون الفعل ماضيا ؛ وعلى هذا يمتنع عندهم ـ أو يقبح ـ : جئت إذ الغائب جاء ، كما سبقت الإشارة (١) ؛ وحجتهم : أن «إذ» للزمان الماضى فى أغلب استعمالاتها ، والفعل الماضى مناسب لها فى الزمان ، فلا يسوغ الفصل بينهما وهما فى جملة واحدة. أما إذا كان الفعل بعدها مضارعا (ولا بد أن يكون بمعنى الماضى ، ولو تأويلا ـ كما سلف (٢) ـ) ففصله عنها وعدم فصله سواء ؛ كلاهما حسن ، نحو : سعدنا بنزهة الأمس بين الجداول والبساتين ؛ إذ المياه تنعشنا بتدفقها وجريانها ، والأزاهر بطيبها وأريجها. وإذ تداعبنا النسمات بلمساتها الندية المترفقة ...
د ـ «إذ» ظرف ملازم للبناء ، فى محل نصب على الظرفية ، ولا يخرج عن النصب المحلّى على الظرفية إلا حين يقع «مضافا إليه» والمضاف لفظ دال
__________________
(١ و١) فى ص ٨١.