ومنه قوله تعالى : (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ ، وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ...)(١)
ومثال عطف الماضى على المصدر الصريح : إنى سعيد بإنقاذ الغريق ، وقدّمت له الإسعاف المناسب.
__________________
ـ (أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صافَّاتٍ ، وَيَقْبِضْنَ ، ما يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمنُ.)
فالفعل المضارع «يقبض» معطوف على اسم الفاعل : «صافات». (ومعنى صافات : ناشرات أجنحتهن فى الجو ـ ومعنى يقبضن : يجمعن الأجنحة إلى الأجسام ، ولا ينشرنها).
فكأنه قال : وقابضات ... ، وقول المعرى :
كتابك جاء بالنّعمى بشيرا |
|
ويعرض فيه عن خبرى سؤال ... |
فالفعل : «يعرض» معطوف على «بشيرا» (بمعنى ؛ مبشر) فكأنه قال : جاء بشيرا وعارضا ، ومثله : عطف المضارع على الصفة المشبهة فى قوله تعالى لمريم : (إِنَّ اللهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ ، وَجِيهاً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ ، وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ ، وَكَهْلاً ...)
حيث عطف المضارع : «يكلم» على : «وجيها» ، فكأنه قال : وجيها ، ومكلما ...
(١) ومنه قول الشاعر :
بات يعشّيها بعضب باتر |
|
يقصد فى أسوقها وجائر |
أى : بات يعشى إبله ـ لا زوجته ، كما قال الصبان والخضرى ـ بضربها بالعضب (وهو : السيف البتار) يوجهه إلى سيقانها ، لينحرها للآكلين ، بدلا من أن يعشيها بالعلف.
(والأسوق ، جمع : ساق ـ ويقصد أى : يعدل بينها بالضرب ، وهو من القصد ، بمعنى : الاعتدال ـ وجائر ، أى : ظالم).
وقد عطف كلمة : «جائر» على المضارع : «يقصد» وهو عطف الاسم المشتق على الفعل. ويقول «الصبان والعينى» : إن الذى سهل العطف كون «جائر» بمعنى : يجور. ويقول الخضرى : إن كلمة : «جائر» معطوفة على : «يقصد» الواقعة هنا فى محل جر ، صفة ثانية لعضب ، فى تأويل «قاصد» ؛ لأن الأصل فى الوصف الإفراد ، وليست حالا بدليل جر المعطوف عليه ...
هذا كلامه. وفيه بعض تساهل ؛ لأن النعت هنا هو جملة فعلية مركبة من المضارع : «يقصد» وفاعله معا. فكيف تكون كلمة : «جائر» معطوفة على الجملة الفعلية مع أن المطلوب هو عطف الاسم المشتق وحده على الفعل وحده؟ فلعل غرضه أن المعطوف عليه هو الفعل «يقصد» وحده.