السالفة منصوب أو مجزوم ؛ فما الذى نصبه أو جزمه؟ فلولا أن العطف للفعل وحده لم يمكن نصبه أو جزمه ...
ومما هو جدير بالملاحظة أن الفرق اللفظى فى عطف الفعل على الفعل ، يترتب عليه فرق معنوى كبير من ناحية النفى والإثبات. فالفعل إذا كان هو «المعطوف» وحده فإنه يتبع الفعل «المعطوف عليه» فيهما ؛ كما يتبعه فى الإعراب ؛ طبقا لما سبق (١) وهذه التبعية فى النفى قد تفسد المعنى المراد ـ أحيانا ـ لو جعلنا الكلام عطف جمل ؛ فعطفنا كل فعل مع فاعله على الآخر مع فاعله ، أى : أن المعنى قد يختلف كثيرا باختلاف نوعى العطف ، أهو عطف فعل وحده على آخر ، أم جملة فعلية على مثيلتها الجملة الفعلية؟ يتضح هذا من المثال التّالى : لم يحضر قطار ويسافر يوسف. بعطف «يسافر» على «يحضر» عطف فعل مفرد على نظيره المفرد ، فيكون «يسافر» مجزوما. والمعنى نفى حضور القطار ، ونفى سفر يوسف أيضا ، فالحضور لم يتحقق ، وكذلك السفر ، فالأمران لم يتحققا قطعا.
أما إن كان الفعل : «يسافر» مرفوعا فيتعين أن يكون العطف عطف جملة فعلية على جملة فعلية ؛ تحقيقا لنوع من الربط والاتصال بينهما. ويتعين أن يكون المعنى عدم حضور القطار. أما يوسف فسفره يحتمل أمرين باعتبارين مختلفين ، فعند اعتبار الجملة الثانية مثبتة لم يتسرب إليها النفى من الأولى يكون يوسف قد سافر. وعند اعتبارها منفية لتسرب النفى إليها من الأولى يكون مقيما لم يسافر. والقرينة هى التى تعين سريان النفى من الأولى إلى الثانية ، أو عدم سريانه (٢).
ومن أمثلة فساد المعنى الذى يترتب على عطف الفعل وحده على الفعل وحده
__________________
(١) فى ص ٦٤٢.
(٢) ويصح أن تكون الواو للاستئناف ؛ فالجملة بعدها مستقلة ، لا علاقة لها بما قبلها فى الإعراب ... ولا فى النفى والإثبات. ويصح أن تكون الواو للحال والمضارع بعدها مرفوع عند من يجيز الربط بها وحدها ـ كما تقدم فى باب الحال ، ح ٢ ـ فالجملة بعدها فى محل نصب ، ولا يسرى إليها النفى من الأولى. ولا يصح الالتجاء إلى أحد هذه الأوجه ـ أو غيرها ـ إلا إذا وافق المعنى ، وساير السياق.