زيادة وتفصيل :
ا ـ من نوع المنقطعة «أم» الواقعة بعد همزة الاستفهام الحقيقى ، بشرط أن يكون ما بعدها نقيض ما قبلها : نحو : أفاكهة عندك أم لا؟ لأن المتكلم لو اقتصر على الجملة الأولى لكان المعنى المستقل كافيا مستغنيا عن معنى الجملة الثانية ـ كالشأن فى : «أم» المنقطعة ـ ، ولكان الجواب : نعم ، أو : لا ، ونحوهما ، على حسب المراد من غير حاجة إلى المعنى الثانى. وإنما ذكر ما بعدها لبيان أن المتكلم عرض له ظنّ الانتفاء فاستفهم عنه ، ضاربا عن الثبوت ، ولو لا ذلك لضاع قوله : «أم لا» بغير فائدة (١) فإن لم يكن الثانى نقيض الأول ؛ نحو : أفاكهة أكلت أم خبزا ، كانت «أم» محتملة للاتصال والانقطاع ، فإن كان السؤال عن تعيين المأكول مع تيقن وقوع الأكل على أحدهما فمتصلة ـ طبقا لما شرحناه (٢) عند الكلام عليها ـ. وإن كان السائل قد عرض له الظن بأن المأكول هو الخبز بعد ظنه أن المأكول هو الفاكهة ، فاستفهم عن الثانى مضربا عن الأول فهى منقطعة. فالاحتمال إنما يقع عند عدم القرينة الدالة على أحدهما ، وهى القرينة التى تعين الاتصال وحده ، أو الإضراب وحده ، فإذا وجدت وجب الأخذ بها ، وامتنع الاحتمال (٣).
ب ـ قلنا (٤) إن : «أم» المنقطعة لا يفارقها معنى الإضراب ، إلا نادرا ... لكنها قد تفيد معه استفهاما حقيقيّا ، وفى هذه الصورة تفيد الإضراب والاستفهام الحقيقى معا من غير وجود همزة استفهام معها. كأن ترى كوكبا يضطرب ويهتز فتقول : هذا كوكب المرّيخ. ثم تعدل عن هذا الرأى لسبب يداخلك ، فتقول : «هذا كوكب المرّيخ. أم هو كوكب سهيل ؛ فإن هذه أمارات سهيل التى تعرفها أنت»؟ فقد قررت أولا أن هذا هو المرّيخ ، ثم عدلت عنه إلى كوكب آخر أردت أن تستوثق من اسمه ؛ فكأنك قلت : بل أهو كوكب سهيل؟ ومثل هذا قول العربى حين رأى أشباحا بعيدة حسبها إبلا ، ثم عدل عن رأيه إلى رأى آخر؛
__________________
(١) نص على هذا سيبويه.
(٢) فى ص ٥٨٥.
(٣) راجع الخضرى. ومثل هذه الأساليب لا يخلو من لبس أحيانا ، فالأحسن العدول عنه قدر الاستطاعة.
(٤) فى ص ٥٩٧.