بل ومحسن .. الجواب فى «ح» من ص ٦٢٨.
د ـ تختص همزة الاستفهام دون باقى أخواتها بالدخول على أحد ثلاثة من حروف العطف ولا تدخل على غير هذه الثلاثة ، هى : (الواو ـ الفاء ـ ثم) فمثالها قبل الواو قوله تعالى : (أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا؟ ما بِصاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ ؛ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ. أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما خَلَقَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ ...)؟، وقبل «الفاء» (١) قوله تعالى فى المشركين : (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ؟ وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا ، أَفَلا تَعْقِلُونَ ...) ، وقبل «ثمّ» (٢) قوله تعالى : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُهُ بَياتاً أَوْ نَهاراً ما ذا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ؟ أَثُمَّ إِذا ما وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ ...)؟ ...
ولا بد أن يكون المعطوف بعد الثلاثة جملة.
وقد اشتهر للنحاة فى هذا رأيان (٣).
أولهما : وهو رأى جمهورهم ـ أن الهمزة تركت مكانها بعد حرف العطف ، وتقدمت عليه ؛ تنبيها على أصالتها فى التصدير ـ كما يقولون ـ فالجملة بعد العاطف معطوفة على الجملة التى قبله وقبل الهمزة. ما لم يمنع من هذا العطف مانع (كأن تكون إحدى الجملتين إنشائية والأخرى خبرية ؛ عند من يمنع العطف بين الجملتين المختلفتين خبرا وإنشاء ؛ مثل هذه الصورة. فتكون الجملة عنده بعد حرف العطف معطوفة على أخرى محذوفة مماثلة لها فى الخبرية أو الإنشائية ...).
ثانيهما : وهو رأى الزمخشرى ـ أن الجملة بعد العاطف معطوفة على جملة محذوفة موقعها بين الهمزة والعاطف. والأصل مثلا ، أنسوا ولم يتفكّروا؟ ـ أأغمضوا عيونهم ولم ينظروا؟ ـ أقعدوا ولم يسيروا ...؟ ـ أكفرتم ثم إذا وقع
__________________
(١) انظر رقم ٣ من هامش ص ٥٧٥.
(٢) انظر «ب» من ص ٥٧٩.
(٣) كما ستجىء الإشارة فى ص ٦٣٩.