الطعام ، وأكلنا أطيب الفاكهة. أما كلمة : «أعذب» فلا يصح ـ فى الرأى الأغلب ـ عطفها على أشهى ، إذ لا يصح أن يقال : أكلنا أعذب الماء ؛ لأن أعذب الماء لا يؤكل ، وإنما يشرب ، ولهذا كانت كلمة : «أعذب» معمولة لعامل محذوف ، تقديره : شرب ، أى : وشربنا أعذب الماء ، والجملة بعد الواو معطوفة على الجملة التى قبلها وهى : أكلنا ـ ؛ فالعطف عطف جملة على جملة.
ومثل : (اشتد البرد القارس فى ليلة شاتية ، فأغلقت الأبواب والنوافذ ، وأوقدت نارا للدفء ، والملابس الصوفية) ؛ فلا يصح عطف كلمة : «الملابس» على «الأبواب» ولا على «نارا» لفساد المعنى على هذا العطف ؛ إذ لا يقال : أغلقت الملابس الصوفية ، ولا أوقدت الملابس ، وإنما هى معمول لعامل محذوف تقديره : ولبست الملابس الصوفية ، أو أكثرت الملابس الصوفية ، أو نحو هذا مما يناسب الملابس ، والجملة بعد الواو معطوفة على جملة : أغلقت. فالعطف عطف جملة على جملة ، لا عطف مفرد على مفرد ـ كما سبقت الإشارة (١) ـ.
ولا فرق فى المعمول الباقى بين المرفوع ؛ نحو : قوله تعالى : (اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ ،) والمنصوب ؛ نحو : قوله تعالى : (وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا (٢) الدَّارَ وَالْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ ...) ، والمجرور نحو قولهم : «ما كلّ سوداء فحمة ، ولا بيضاء شحمة ، والأصل فى المثال المرفوع : (اسكن أنت وليسكن زوجك الجنة) ؛ إذ لا يصح عطف «زوج» على الضمير المستتر الفاعل ؛ وإلا كان فاعلا مثله حكما ؛ فيترتب على هذا أن يقال : اسكن زوجك ، بوقوع الاسم الظاهر فاعلا للأمر ؛ وهذا لا يصح (٣). كما أن الأصل فى المنصوب : (تبوّءوا الدار ، وألفوا الإيمان) ؛ لأن الإيمان لا يسكن ـ والأصل فى المجرور : (ما كلّ سوداء فحمة ولا كلّ
__________________
(١) فى الجزء الثانى ، باب المفعول معه ص ٢٣٢ م ٨٠.
(٢) سكنوا.
(٣) يبيحه فريق من النحاة بحجة : (أنه قد يغتفر فى التابع ما لا يغتفر فى المتبوع). وفيه تيسير. ولا يجوز إعرابه بدلا من الفاعل المستتر ؛ لأن الضمير لا يبدل من الضمير ـ كما فى «ب» ص ٦٨٣.