الثانى :
نوع يراد به إزالة الاحتمال والمجاز عن التثنية ، وإثبات أنها هى ـ وحدها ـ المقصودة حقيقة. وله لفظان : «كلا» للمثنى المذكر ، و «كلتا» للمثنى المؤنث ، نحو : أفاد الخبيران كلاهما ، ونفعت الخبيرتان كلتاهما. فلو لم تذكر «كلا» و «كلتا» لكان من المحتمل اعتبار التثنية غير حقيقية ، وأن المقصود بالخبيرين أحدهما ، وبالخبيرتين إحداهما ... فمجىء «كلا» بعد المثنى المذكر ، و «كلتا» بعد المثنى المؤنث ـ يكاد يقطع فى أصالة التثنية بفهم لا شك فيه ولا احتمال ، ويدل ـ فى الأغلب ـ على أن المراد هو الدلالة على التثنية الحقيقية التى تنصبّ على اثنين معا ، أو اثنتين معا (١).
حكمهما :
لابد عند استعمالهما فى التوكيد أن يسبقهما «المؤكّد» ، وأن يكون ضبطهما كضبطه ، وأن تضاف كل واحدة منهما إلى ضمير مذكور يطابقه فى التثنية ـ ليربط بينهما ـ كما فى الأمثلة السالفة. وهذا الضمير لا يصح حذفه ولا تقديره. فإذا تحققت الشروط ، وصارتا للتوكيد وجب إعرابهما إعراب المثنى (٢) ، فيرفعان بالألف ، وينصبان ويجران بالياء المفتوح ما قبلها ، المكسور ما بعدها ؛ نحو : أفادنى الوالدان كلاهما ـ أحببت الوالدين كليهما ـ دعوت الله للوالدين كليهما. نفعتنى الجدّتان كلتاهما ـ أطعت الجدّتين كلتيهما ـ استمعت إلى نصح الجدتين كلتيهما.
ولما كان الغرض من التوكيد بكلا وكلتا هو ما سلف ، كان من المستقبح بلاغة (٣) أن يقال : تخاصم الرجلان كلاهما ، والمرأتان كلتاهما ، حيث لا مجال
__________________
(١) ولا فرق بين أن تكون التثنية على سبيل التفريق ـ وهذه لا تسمى تثنية اصطلاحا ـ أو على غير سبيله ؛ نحو : فاز الأول والثانى كلاهما ، وفازت الأولى والثانية كلتاهما ـ وفاز السابقان كلاهما وفازت السابقتان كلتاهما.
(٢) هما من الألفاظ الملازمة للإضافة ، الملحقة فى إعرابها بالمثنى. وقد سبق تفصيل شامل فى إعرابهما. ومن المفيد الرجوع إليه (فى ص ٩٨ وما بعدها ، وفى الجزء الأول ص ٧٩ م ٩ عند الكلام على المثنى وملحقاته). من ذلك التفصيل تتبين أمور هامة ؛ فى مقدمتها : أنه لا يصح إعرابهما توكيدا إلا بعد تحقق الشروط الخاصة بهذا. لكن لا يلزم من تحقق الشروط إعرابهما توكيدا ؛ فقد يعربان توكيدا أو لا يعربان على حسب ما تقضى به الدواعى الأخرى.
(٣) يغالى بعض النحاة فلا يجيزه مطلقا.