الذى يحقق المعنى المراد ؛ نحو : ألا ماء ، ألا باردا (١)؟.
أو : وجود عامل نحوى يحتاج إلى المنعوت المحذوف ليكون معموله الذى يمّ به المعنى الأنسب ، حيث لا يستطيع العمل المباشر فى النعت ، ولا يجد النعت عاملا آخر ؛ كقوله تعالى : (فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً ، وَلْيَبْكُوا كَثِيراً ؛ جَزاءً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ)، والتقدير : فليضحكوا ضحكا قليلا ، وليبكوا بكاء كثيرا ... فالفعلان فى جملتى : (يضحكوا ـ يبكوا) محتاجان لمعمولين يتممان هذا المعنى الأنسب ، ولا يستطيع فعل منهما أن يؤثر فى النعت الذى بعده مباشرة إلا من طريق منعوت محذوف يستقيم به المعنى. ولا يجد كل من النعتين (قليلا ـ وكثيرا) عاملا له إلا الفعل اللازم قبله ، ولكن اتصاله به مباشرة غير سائغ لغويّا ؛ فلم يكن بد من تقدير المنعوت المحذوف على الوجه السالف ...
وأيضا : يحذف جوازا إن كان النعت جملة أو شبهها وكان المنعوت مرفوعا وبعضا من اسم متقدم عليه ، وهذا الاسم المتقدم مجرور «بمن» أو «فى» نحو : الأحرار الوطنيون لا ينكر فضلهم أحد ؛ فمنهم أنفق ماله فى سبيل وطنه ، ومنهم أفنى عمره مناضلا فى الحفاظ على حريته ، ومنهم قضى نحبه دفاعا عنه. والأصل ؛ فمنهم فريق أنفق ... ومنهم فريق أفنى عمره ... ومنهم فريق قضى نحبه ... ومثل قولهم : لما مات عمر بن عبد العزيز لم يكن فى الناس إلا بكى أو صرخ ، أو صرع حزنا ، أو انعقد لسانه ، أو زاغ بصره ... والتقدير : لم يك فى الناس إلا إنسان بكى ، أو إنسان صرخ ، أو إنسان صرع ، أو إنسان انعقد لسانه ، أو إنسان زاغ بصره ...
فالمنعوت فى الأمثلة السابقة كلها محذوف ، وهو مرفوع ، وبعض من كل مجرور بالحرف «من» أو : «فى» ؛ ذلك لأن الضمير : «هم» المجرور بمن
__________________
(١) من هذا النوع قوله تعالى فى نبيه داود : (وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ) أى : دروعا واسعات طويلات تصل إلى الأرض. فالسابغات فى أصلها ليست نعتا مختصا بشىء معين دون غيره ، وإنما تصلح لوصف كل واسع طويل. غير أن تقدم كلمة : «الحديد» قبلها جعل المراد منها فى هذا الساق مختصا بموصوف معين هو : الدروع.