وإنما أتينا «بما» المصدرية محافظة على بقاء الفعل مبنيّا للمجهول ، ولولاها لزال بناؤه للمجهول فلا يتبين أسلوب التعجب أللمجهول هو أم للمعلوم؟ أما الفعل الملازم للبناء للمجهول سماعا عند من يقول بهذه الملازمة (١) فقد سبق (٢) أن الأنسب الأخذ بالرأى الذى يجيز الصياغة من مصدره مباشرة.
(٥) وإن كان الفعل ناسخا ، (أى : غير تام) فإن كان له مصدر وجب أن نضع مصدره بعد صيغة التعجب التى نأخذها من الفعل الآخر الذى نختاره على الوجه المشروح فيما سلف ، ففى مثل : كان العربىّ رحّالا بطبعه ، نقول : ما أكثر كون العربىّ رحّالا بطبعه! ـ أو : أكثر بكون العربىّ رحّالا بطبعه! ... وإن لم يكن له مصدر أخذنا الصيغة من الفعل الآخر الذى نختاره ، ووضعنا بعدها الفعل الأصلى الذى ليس له مصدر ، وقبله «ما» المصدرية فينشأ منها ومن الفعل والفاعل بعدها مصدر مؤول هو مفعول به منصوب بعد: «ما أفعل» ومجرور ب «الباء» بعد : «أفعل». ففى مثل : كاد الكذب يهلك صاحبه ، نقول : ما أسرع ما كاد الكذب يهلك صاحبه ... وهكذا ...
هذه هى الطرائق الموصلة للتّعجب إذا كان الفعل غير مستوف للشروط. أما إذا كان مستوفيا للشروط كلها فإن الصيغتين القياسيتين (٣) تؤخذان منه مباشرة. ولا مانع من التعجب منه بالطريق غير المباشر أيضا ؛ وذلك بالإتيان بفعل آخر مناسب. (نحو : حسن ـ قبح ـ قوى ـ وغيرها من الأفعال الثلاثية التى تناسب المراد) ، ثم نأخذ منه الصيغة التعجبية ، ونجعل بعدها مصدر الفعل المستوفى للشروط ، إمّا منصوبا بعد «ما أفعل» وإمّا مجرورا بالباء بعد «أفعل» ، ففى مثل : برع الذكى ، وسبق أنداده ، نقول : ما أعظم براعة الذكى! ، وما أوضح سبقه أنداده! أو أعظم ببراعة الذكىّ! وأوضح بسبقه أنداده ... فليس من اللازم ـ والفعل مستوف للشروط ـ أن نأخذ
__________________
(١) انظر تخطئة هذا الرأى فى رقم ١ من هامش ص ٣٥٠.
(٢) فى ص ٣٥٠.
(٣) وهناك الصيغ المشار إليها فى «ج» من ص ٣٤٧.