ب ـ يذكر النحاة تعليلا جدليّا (١) لاستحسان إضافة الصفة المشبهة لفاعلها دون إضافة اسم الفاعل لفاعله ، ونلخصه هنا (بالرغم من أنه جدل منقوض بجدل مثله ، ومعارض بأمثلة كثيرة ، أوردها المعترضون ، وضمنوها بطون المطولات ، وأن التعليل الحق هو استعمال العرب ليس غير) :
إن إضافة اسم الفاعل إلى فاعله ممنوعة ـ على وجه يكاد يقع عليه الاتفاق ـ إذا بقى على دلالة الحدوث نصّا ، وكان فعله لازما ، أو متعديا لأكثر من مفعول به ؛ لأن إضافته فى هاتين الصورتين توقع فى اللّبس. فتوهم أنه أضيف ليجارى الصفة المشبهة ـ حيث تضاف لفاعلها كثيرا ـ وأنه ترك دلالته على الحدوث والتجدد ليصير دالا على الثبوت والدوام مثلها ؛ فأضيف إضافتها ليؤدى دلالتها.
أما إن كان فعله متعديا لواحد ؛ فقد يمتنع إضافته إذا أوقعت فى لبس. كما فى مثل : البارّ مكرم أبوه فلو قلنا : البارّ مكرم الأب ـ لجاز أن يقع فى الوهم أن الإضافة هى للمفعول ، لا للفاعل ، وأن الأصل : البارّ مكرم أباه ، بل إن إضافته قليلة حين يكون فعله متعديا لواحد ، ومعناه من المعانى التى لا تقع على الذوات ، (أى : على الأجسام) ؛ حيث اللبس مأمون ، والإبهام غير واقع. مثل : محمد كاتب أبوه ، فلا يصح : محمد كاتب الأب ـ إلا على قلة كما سبق ـ مع أنه لا لبس ولا إبهام فى الإضافة ؛ إذ الكتابة لا تقع على الذوات.
أما السبب فى عدم صحة هذا ـ إلا على قلة ـ فلأن الصفة الدالة على الثبوت لا تضاف إلى فاعلها إلا بعد تحويل إسنادها عنه إلى ضمير موصوفها ، واستتار الضمير فيها (كما أشرنا فى ص ٢٦٨) ، إذ لو لم يتحول الإسناد بالطريقة السالفة للزم إضافة الشىء إلى نفسه ، لأن الصفة هى نفس مرفوعها فى المعنى ، وهو أمر غير جائز ، إلا فى مواضع (٢) ليس منها الموضع الحالىّ. ويؤيد هذا ـ عندهم ـ تأنيث الصفة المشبهة بالتاء فى مثل : مررت بالفتاة
__________________
(١) أشرنا إليه فى ص ٢٦٨.
(٢) سبقت فى باب الإضافة «د» ص ٤٠.