التصرف بإيجاد ما يضمن الدلالة على «الهيئة» ؛ كزيادة بعض الألفاظ للدلالة عليها ؛ أو إقامة قرينة ، ـ أىّ قرينة ـ ترشد إليها ، وإلى ما يراد منها من حسن ، أو قبح ، أو : زيادة ، أو نقص ... أو غير هذا من الأوصاف التى يراد وصف المصدر بها ، مثل : العزة الجاهلية تحمل صاحبها على الطغيان ـ نشدة المآرب بالحكمة كفيلة بإدراكها.
ويلاحظ أن الدلالة على «الهيئة» بالصيغة المباشرة السالفة ، إنما تقتصر على مصدر الفعل الثلاثى ؛ مع زيادة التاء فى آخر هذا المصدر إن لم تكن موجودة ؛ فمنهما تتكون الصيغة الدالة بنفسها على المعنى المجرد وعلى «الهيئة» معا. أما الأفعال التى ليست ثلاثية فلا تصاغ ـ قياسا ـ من مصادرها الأصلية صيغة تدل على «الهيئة» ، وإنما يزاد على المصدر الأصلى قرينة ، أو لفظ يدل على الوصف المراد ، من غير التزام قرينة معينة ، أو لفظ معين. فعند إرادة الدلالة على الهيئة من المصادر : تكلّم ـ استماع ـ اندفاع ـ وأشباهها ... نقول : التكلم الكثير مدعاة للملل ـ الاستماع الحسن أمارة العقل الراجح ـ الاندفاع الطائش مقدمة البلاء العاجل.
ومجمل القول : إذا كان المصدر الأصلى موضوعا فى أصله على وزن : «فعلة» كعزّة ـ وأردنا أن يدل على «المرة» وجب تحويله إلى صيغة «فعلة» فنقول : ثارت فى رأس الجاهلىّ عزّة أبعدته عما يحسن بالعاقل. وكذلك إن كان موضوعا فى أصله على وزن ـ : «فعلة» ؛ كرحمة ، وأردنا أن يدل على «الهيئة» فإننا نحوله إلى صيغة : «فعلة» ؛ فنقول : رحمة ، مثل : (رحمة تداوى ، ورحمة تجرح (١)).
* * *
وخلاصة ما سبق :
(١) أن الفعل الثلاثى يصاغ ـ بشرطين ـ مصدره الأصلى الشائع على وزن : «فعلة» للدلالة على أمرين معا ؛ هما : المعنى المجرد ، و «المرّة».
__________________
(١) هذه حكمة قديمة ، معناها أن هيئة الرحمة ، والطريقة التى تظهر بها ، وتقدم لمستحقها ـ قد تكون طريقة كريمة تفيده ، وتزيل أو تخفف آلامه ومتاعبه. وقد تكون طريقة جافة خشنة تؤلمه ، وتجرح شعوره.