فى تقرير كلام الكشاف ، وبيان أنه لا يرى أن فى التضمين مجازا ، ولا الجمع بين الحقيقة والمجاز ، وأنه مع استعماله فى المذكور يدل على المحذوف ما نصه :
حقيقة التضمين أن يقصد بالفعل معناه الحقيقى مع فعل آخر يناسبه. ثم قال : إن الفعل المذكور مستعمل فى معناه الحقيقى مع حذف حال مأخوذة من الفعل الآخر بمعونة القرينة اللفظية ، نحو : أحمد إليك فلانا ، معناه أحمده منهيّا إليك حمده.
وقد يعكس ، كما يقال فى (يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) يعترفون به مؤمنين.
وفى قوله «مع فعل آخر» حذف مضاف أى مع حذف فعل.
فإن قلت : المناسبة إنما هى بين الفعل المحذوف ومتعلقه المذكور لا بين الفعلين ، قلت : لا بد من المناسبة بينهما ، فلا يقال : ضربت إليك زيدا ، أى منهيّا إليك ضربه ؛ ولا تكفى القرينة.
واعترض عليه بأن فى كلامه تناقضا ، لأن قوله : «مع فعل آخر يناسبه» غير ملائم لقوله : «مع حذف حال» ، فإن الثانى يدل على أن المحذوف اسم هو حال ، لا فعل ، بخلاف الأول.
وأجيب بأن فى كلامه تغليبا وإطلاقا للفعل عليه وعلى الاسم ، أو أراد بالفعل معناه اللغوى ، وكذا فى قوله : «أن يقصد بالفعل» ولا يخفى سقوطه على هذا الكلام وبعده عن المرام.
وذلك أن الداعى للسعد على ما قاله ، الفرار من الجمع بين الحقيقة والمجاز. والأصل تضمين الفعل لمثله ، فالملاحظة فى تضمين المذكور مثله ، وأشير بالحال عند بيان المعنى إلى ذلك التضمن ولو قدر نفس الفعل ، كان من الحذف المجرد ، ولم يكن المحذوف فى تضمن المذكور. وأيضا فى تقديره تكثير للحذف.
وبهذا يظهر أن من قال لا تنحصر طرق التضمين فيما قال ، وأن منها العطف ، نحو : (الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ) ، أى : الرفث والإفضاء إلى نسائكم ، فقد غفل عن الباعث على هذا القول. على أنه لم يدع أحد الحصر. وقال السيد : ذهب بعضهم إلى أن اللفظ مستعمل فى معناه الحقيقى فقط. والمعنى الآخر مراد بلفظ محذوف يدل عليه ما هو من متعلقاته. فتارة يجعل المذكور أصلا فى