قال الدسوقى : قوله يشربون لفظا معنى لفظ ، هذا ظاهر فى تغاير المعنيين ، فلا يشمل نحو : (وقد أحسن بى) ، أى : لطف ، فإن اللطف والإحسان واحد.
فالأولى أن التضمين إلحاق مادة بأخرى لتضمنها معناها ولو فى الجملة ، أعنى باتحاد أو تناسب. قوله : «أن تؤدى كلمة مؤدى كلمتين» : ظاهر فى أن الكلمة تستعمل فى حقيقتها ومجازها. ألا ترى أن الفعل من قوله تعالى : (لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ) ضمن معنى : يمتنعون من نسائهم بالحلف ، وليس حقيقة الإيلاء إلا الحلف ، فاستعماله فى الامتناع من وطء المرأة إنما هو بطريق المجاز ، من باب إطلاق السبب على المسبب ؛ فقد أطلق فعل الإيلاء مرادا به ذانك المعنيان جميعا ، وذلك جمع بين الحقيقة والمجاز بلا شك. وهو ، أى : الجمع المذكور إنما يتأتى على قول الأصوليين : إن قرينة المجاز لا يشترط أن تكون مانعة. أما على طريقة البيانيين من اشتراط كونها مانعة من إرادة المعنى الحقيقى ، فقيل إن التضمين حقيقة ملوحة لغيرها.
وقدر (السعد) العامل مع بقاء الفعل مستعملا فى معناه الحقيقى ، فالفعل المذكور مستعمل فى معناه الحقيقى ، مع حذف حال مأخوذة من الفعل الآخر بمعونة القرينة اللفظية. فقولنا أحمد إليك فلانا ، معناه : أحمده منهيّا إليك حمده. ويقلب كفيه على كذا : أى. نادما على كذا. فمعنى الفعل المتروك وهو المضمن معتبر على أنه قيد لمعنى الفعل المذكور.
وزعم بعضهم أن التضمين بالمعنى الذى ذكره (السعد) ـ وهو جعل وصف الفعل المتروك حالا من فاعل المذكور ـ يسمى تضمينا بيانيّا ، وأنه مقابل للنحوى (١).
وقيل إن التضمين من باب المجاز ، ويعتبر المعنى الحقيقى قيدا ، وهذا هو الذى اعتبره الزمخشرى. فعلى مذهب السعد يقال : ولا تأكلوا أموالهم ضامّيها إلى أموالكم. وعلى مذهب الزمخشرى نقول ولا تضموها إليها آكلين.
وقيل التضمين من الكناية ، أى لفظ أريد به لازم معناه.
__________________
(١) فى ص ٥٣٩ بيان النوعين.