وجريانه فى الحرف ظاهر فى قوله تعالى : (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ،) فإن «ما» تتضمن معنى «إن» الشرطية. ولذلك جزم الفعل.
وكل من المعنيين مقصود لذاته فى التضمين ، إلا أن القصد إلى أحدهما ـ وهو المذكور بذكر متعلقه ـ يكون تبعا للآخر وهو المذكور بلفظه ، وهذه التبعية فى الإرادة من الكلام ، فلا ينافى كونه مقصودا لذاته فى المقام. وبه يفارق التضمين الجمع بين الحقيقة والمجاز ، فإن كلا من المعنيين فى صورة الجمع مراد من الكلام لذاته ، مقصود فى المقام أصالة ، ولذلك اختلف فى صحته مع الاتفاق فى صحة التضمين.
والتضمين سماعى لا قياسى ، وإنما يذهب إليه عند الضرورة. أما إذ أمكن إجراء اللفظ على مدلوله فإنه يكون أولى. وكذا الحذف والإيصال ، لكنهما لشيوعهما صارا كالقياس ، حتى كثر للعلماء التصرف والقول بهما فيما لا سماع فيه. ونظيره ما ذكره الفقهاء من أن ما ثبت على خلاف القياس إذا ما كان مشهورا يكون كالثابت بالقياس فى جواز القياس عليه.
وجاز تضمين اللازم المتعدى ؛ مثل : «سفه نفسه» فإنه متضمن لأهلك.
وفائدة التضمين هى أن تؤدى كلمة مؤدى كلمتين ، فالكلمتان مقصودتان معا قصدا وتبعا ، فتارة يجعل المذكور أصلا والمحذوف حالا ، كما قيل فى قوله تعالى : (وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى ما هَداكُمْ) كأنه قيل : ولتكبروا الله حامدين على ما هداكم ، وتارة بالعكس ، كما فى قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ) أى : يعترفون به مؤمنين.
ومن تضمين لفظ معنى آخر قوله تعالى : (وَلا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ،) أى : لا تفتهم عيناك مجاوزتين إلى غيرهم. (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ،) أى : لا تضموها آكلين. (مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ،) أى : من ينضاف فى نصرتى إلى الله. (هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكَّى،) أى : أدعوك وأرشدك إلى أن تزكى : (وَما يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ،) أى : فلن تحرموه ، فعدى إلى اثنين. (وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ،) أى : لا تنووه ، فعدى بنفسه لا بعلى. (لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى،) أى : لا يصغون ، فعدى بإلى ، وأصله يتعدى بنفسه. ونحو : «سمع