بحث التضمين (١)
أقوال العلماء فى التضمين
قال أبو البقاء فى كتابه «الكليات» : التضمين : هو إشراب معنى فعل لفعل ، ليعامل معاملته. وبعبارة أخرى : هو أن يحمل اللفظ معنى غير الذى يستحقه بغير آله ظاهرة.
ثم قال : قال بعضهم : التضمين هو أن يستعمل اللفظ فى معناه الأصلى ، وهو المقصود أصالة ، لكن قصد تبعية معنى آخر يناسبه من غير أن يستعمل فيه ذلك اللفظ ، أو يقدر له لفظ آخر ، فلا يكون التضمين من باب الكناية ، ولا من باب الإضمار ، بل من قبيل الحقيقة التى [فيها] قصد بمعناه الحقيقى معنى آخر يناسبه ويتبعه فى الإرادة.
وقال بعضهم : التضمين إيقاع لفظ موقع غيره لتضمنه لمعناه ، وهو نوع من المجاز. ولا اختصاص للتضمين بالفعل ، بل يجرى فى الاسم أيضا. قال التفتازانى فى تفسير قوله تعالى : (وَهُوَ اللهُ فِي السَّماواتِ وَفِي الْأَرْضِ:) لا يجوز تعلقه بلفظة : الله ، لكونه اسما لا صفة. بل هو متعلق بالمعنى الوصفى الذى ضمنه اسم الله ، كما فى قولك : هو حاتم من طيئ ، على تضمين معنى : الجواد.
__________________
(١) هذا هو البحث الثانى الذى سبق أن وعدنا ـ فى رقم ٢ من هامش ص ١٥٩ ـ بتسجيله هنا ، لعظيم أثره عند المتخصصين ، وليكون صورة مرشدة من مسالك البحث العقلى الدقيق أمام كبار الطلاب ، بالرغم من تشعبه الخيالى بغير سداد ، وكثرة الخلاف والوهم كثرة معيبة تكشف عن نوع عنيف مرهق من البحوث الجدلية القديمة. وقد نقلناه كاملا من محاضر جلسات المجمع اللغوى القاهرى فى دور انعقاده الأول (ص ٢٠٩ ، وما بعدها) حيث سجلته تلك المحاضر. بقلم عضو جليل من أعضاء المجمع ، هو الأستاذ حسين والى ، رحمة الله عليه وقد ألقاه على الأعضاء قبل تسجيله. ونقلنا معه بعض مناقشات قصيرة دارت بشأنه بين الأعضاء ساعة عرضه على المجمع اللغوى ؛ لأهمية ذلك كله. وأردفناه برأى خاص موجز ، فى هامش الصفحة الأخيرة ص ٥٥٢.
ويلاحظ ما سبقت الإشارة إليه ـ فى رقم ٢ من هامش ص ١٥٩ باختصار فى باب : «تعدى الفعل ، ولزومه» وهو أن «الصبان» عرض للتضمين ـ ج ٢ ـ كما عرض له «ياسين» فى الجزء الثانى من حاشيته على التصريح ، باب : «حروف الجر» عرضا محمودا ، فى نحو : أربع صفحات.