(٢)
... تقول : ما رأيته منذ يوم الجمعة ، وما رأيته منذ اليوم. وإذا قلت : ما رأيته منذ يوم الجمعة : كان معناه : انقطعت رؤيتى له من يوم الجمعة. فكان يوم الجمعة لابتداء غاية انقطاع الرؤية. فمحل ذلك من الزمان كمحل (من) فى المكان ، إذا قلت : ما سرت من بغداد ، أى : ما ابتدأت السير من هذا المكان. فكذلك : ما وقعت رؤيتى عليه من هذا الزمان. اه.
(٣)
... وتقول : ما رأيته مذ يوم الجمعة ، وما رأيته مذ السبت ... فإن قال قائل : فما حكم «مذ» فى هذا الوجه ، وتقديرها؟ قيل له : حكمها أن تكون اسما ، وتقديرها أن تكون مبتدأة ، ويكون ما بعدها خبرها. كأنك قلت : ما رأيته ، مدة ذلك يوم السبت. فيكون على كلامين ... وذلك أنك إذا قلت : ما رأيته مذ يوم الجمعة فإنما معناه : انقطاع رؤيتى له ابتداؤه يوم الجمعة ، وانتهاؤه الساعة. فتضمنت (من) معنى الابتداء والانتهاء.
وإذا قلت ما رأيته مذ اليوم ، فليس فيه إلا معنى ابتداء الغاية وانقطاعها. وهو (فى) معنى ، وانخفض ما بعدها. اه.
(٤)
... وذلك أنك إذا قلت : لم أره مذ يومان ، أو مذ شهران ، أو نحو ذلك ، مما يكون جوابا لكم ، فتقديره : لم أره وقتا مّا. ثم فسرت ذلك فقلت : أمد ذلك شهران ، أو مدة ذلك شهران. فقولك مذ شهران جملة ثانية هى تفسير للوقت المبهم فى الجملة الأولى. فهذا أحد تقديرى مذ إذا رفعت ما بعدها.
والتقدير الآخر أن تقول : ما رأيته مذ يوم الجمعة فيكون تقديره : فقدت رؤيته وقتا ما ، أوله يوم الجمعة فمذ فى هذين الوجهين بمنزلة اسم مضاف : إما على تقدير : أمد ذلك ، أو أول ذلك. اه.