ابن عبد الله بن المرزبان السيرافى المتوفى ٣٦٨ ه ، فوجدت فيهما تعليقات طريفة تتصل بموضوع هذا البحث. آثرت أن أتحف القارئ بنتف منهما ، ليرى كيف كان يكتب هذان الإمامان ، ولتكمل بها الفائدة.
قال الإمام ابن يعيش :
(١)
وأما الفرق بينهما [أى : «مذ ومنذ» الحرفيتين والاسميتين] من جهة المعنى ، فإن «مذ» إذا كانت حرفا دلت على أن المعنى ـ الكائن فيما دخلت عليه ، لا فيها نفسها ، نحو قولك : زيد عندنا مذ شهر ؛ على اعتقاد أنها حرف ، وخفض ما بعدها. فالشهر هو الذى حصل فيه الاستقرار فى ذلك المكان ، بدلالة مذ على ذلك.
وأما إذا كانت اسما ورفعت ما بعدها ، دلت على المعنى الكائن فى نفسها. نحو قولك : ما رأيته مذ يوم الجمعة. فالرؤية متضمنة «مذ» وهو الوقت الذى حصلت فيه الرؤية ، وهو يوم الجمعة. كأنك قلت : الوقت الذى حصلت (١) فيه الرؤية يوم الجمعة. اه.
وقال :
(٢)
والصواب ما ذهب إليه البصريون من أن ارتفاعه بأنه خبر. والمبتدأ منذ ومذ. فإذا قلت : ما رأيته منذ يومان ، كأنك قلت : ما رأيته مذ ذلك يومان. فهما جملتان ، على ما تقدم. وإنما قلنا : إن «مذ» فى موضع مرفوع بالابتداء ، لأنه مقدّر بالأمد. والأمد لو ظهر لم يكن إلا مرفوعا بالابتداء. فكذلك ما كان فى معناه. اه.
وقال :
(٣)
وله [مذ أو منذ] فى الرفع معنيان : تعريف ابتداء المدة ، من غير تعرض إلى الانتهاء. والآخر تعريف المدة كلها.
__________________
(١) هذا نقل الباحث. فهل حصلت الرؤية؟