فتقول مثلا : ما كتبت مذ أو منذ الساعة ، أى : فى هذا الوقت المقدّر بستين دقيقة. كما تقول مثلا : كتبت مذ أو منذ الساعة ، فى الإثبات لأن الفعل متطاول ـ هذا ما نستظهره.
(ح) وهناك موضوع له شبه واتصال بما قررنا فى الفقرة السابقة. ذلك أنا قلنا آنفا : إن (يوما) من المبهم ؛ فلا يجوز : مذ أو منذ يوم. فهذا ما مثل به النحاة. ففى الصبان عند قول الأشمونى : (فإن كان المجرور بهما نكرة ... إلخ ما يأتى : «قوله نكرة» ، أى معدودة ، إذ لا يجوز : منذ يوم). اه. والظاهر أن النحاة لم يدخلوا (اليوم) فى باب ما هو فى حكم المعدود ، وألحقوه بالمبهم ، لاختلاف اللغويين فى معناه. فمنها أنه من طلوع الشمس إلى غروبها ، ومنها أنه مطلق الزمان ، إلى غير ذلك.
وأما المعنى الآخر الذى نقلناه عن اللسان فيما تقدم ، فقد حدث فى الحضارة الإسلامية. وهو فى حكم المعدود. ذلك أن تقول مثلا : ما كلمته مذ أو منذ يوم ، كما لك أن تقول : مذ أو منذ ليلة ، لهذا الاعتبار ، كما قالوا : مذ أو منذ شهر ، أو سنة.
وكذلك يقال فى الساعة والدقيقة الفلكيتين. فنقول مثلا : قرأ القارئ مذ أو منذ ساعة ، ما قرأ منذ أو مذ ساعة. وكلمنى صديقى مذ أو منذ دقيقة ، قياسا سائغا لا غبار عليه.
وقد خطر لى وأنا أكتب هذا ، لفظ : هنيهة أو هنيّة. ففى المصباح : الهن ـ خفيف النون ـ كناية عن كل اسم جنس. والأنثى : هنة ؛ ولامها محذوفة. ففى لغة هى هاء ؛ فيصغر على : هنيهة. ومنه يقال : سكت هنيهة أى : ساعة لطيفة. وفى لغة هى : واو ، فيصغر فى المؤنث على : هنيّة. وجمعها [أى : هنة] هنوات. وربما جمعت على هنات ، على لفظها ، مثل عدات ـ وفى المذكر : هنىّ. اه.
وإنما تعرضت لهذه الكلمة ، لكثرة دورانها على الألسن والأقلام فى مختلف شئون الحياة. فهى ليست من المعدود لفظا أو حكما. ولا يمكن ضبطها بقياس.