وقال : إنهم يقولون : منذ اليوم ولا يقولون : منذ الشهر ؛ ولا : منذ السنة. ويقولون : منذ العام. قال : وهو على غير القياس ـ قال : ولا يقال : منذ يوم ، استغناء بقولهم : منذ أمس ـ ولا يقولون : منذ الساعة ، لقصرها ـ فإن كان جميع ما قاله مستندا إلى السماع فبها ونعمت. وإلا فالقياس جواز الجميع. والقصر ليس بمانع. لأنه جوز : (منذ أقل من ساعة). اه. المراد من كلام الشيخ ياسين.
أقول : قد أسلفنا القول فى امتناع أن يقال مثلا : ما رأيته مذ أو منذ يوم ، لا لتلك العلة التى نقلها ياسين عن الأخفش ، بل لأن منذ ومذ لا يجران إلا النكرة المعدودة ، أو التى فى حكم المعدودة ، إذا كانا بمعنى من وإلى معا.
وقوله : (ولا يقولون : منذ الساعة ، لقصرها) ، هذا هو أحد معانيها ، وهو الوقت القليل. فقد جاء فى اللسان : والساعة الوقت الحاضر ... والساعة فى الأصل تطلق بمعنيين : أحدهما أن تكون عبارة عن جزء من أربعة وعشرين جزءا ، هى مجموع اليوم والليلة. والثانى أن تكون عبارة عن جزء قليل من النهار أو الليل. يقال : جلست عندك ساعة من النهار ، أى وقتا قليلا منه. اه.
فإذا قلت مثلا ، على القول بالجواز : طار العصفور مذ أو منذ الساعة ، فمعنى مذ أو منذ هنا (فى) ، أى : طار فى هذا الوقت الحاضر. وهذا واضح ، كما قال يس. والقصر ليس بمانع.
وأما ما قاله ياسين من أنه جوّز أن يقال : منذ أقل من ساعة ، فمعناه : منذ وقت أقل من ساعة. فمنذ فيه بمعنى (من) (على رأى ابن هشام ومن تابعه ، كما قررنا فى «و»). فتقول مثلا : حضر فلان مذ أو منذ أقل من ساعة ، أى : من زمن وجيز.
بقى المعنى الثانى للساعة ، وهى أنها جزء من أربعة وعشرين جزءا هى مجموع اليوم والليلة. فهذه الساعة محدودة ، لأنها مقسمة أيضا أقساما متساوية ؛ هى الدقائق الفلكية. والقصر الذى هو علة المنع فيما قال الأخفش ، منتف فيها.
__________________
ـ الاثنين مثلا ...) إلى قوله : (ما مضى). وذلك لأن عدم الاعتداد بيوم الانقطاع ، ينافى معنى الابتداء الذى يفيده مذ ومنذ. وكذا يقال فى المثال الثانى.