الظرفية ، مثل «فى». نحو : ما رأيته مذ ساعتنا ، أو منذ يومنا. أى : فى ساعتنا وفى يومنا.
أما إن كان المجرور بهما نكرة معدودة (١) فمعناهما الابتداء والانتهاء معا ؛ فهما مثل «من» و «إلى» مجتمعين ؛ نحو : ما رأيته مذ أو منذ يومين. أى : ما رأيته من ابتداء هذه المدة إلى نهايتها.
ومما يجب التنويه به أن الاسم بعد «مذ» ، و «منذ» مع جواز جره على اعتبارهما حرفى جر ، وجواز رفعه على اعتبارهما اسمين محضين ـ قد يترجح فيه أحد الضبطين على الآخر ، وقد يقوى حتى يقترب من الوجوب كما يتبين مما يأتى :
إذا كان الزمن بعدهما للحاضر فالراجح أن يكونا حرفى جر ، والاسم بعدهما مجرورا بهما ، نحو : ما تركت الكتابة مذ أو منذ ساعتنا. وعلى هذا تجرى أكثر القبائل العربية ، وتكاد تلتزمه وتوجبه.
وإذا كان الزمن بعدهما للماضى فالأرجح اعتبار «منذ» حرف جر ، والاسم بعدها مجرور ، نحو : ما زرت الصديق منذ يومين. والعكس فى «مذ» ، نحو ما زرت الصديق مذ يومان (٢).
__________________
(١) لتكون معينة ؛ لأن المبهمة ـ أى : غير المعدودة ، مثل : برهة ، وحين ... ـ لا تصلح بعدهما ، كما سبق. ولا فرق فى المعدود بين أن يكون معدودا لفظا ومعنى ؛ نحو : يومين ، أو معنى فقط ؛ نحو : شهر.
(٢) وفى الكلام على مذ ومنذ واسميتهما وحرفيتهما وأحكامهما يقول ابن مالك :
و «مذ ومنذ» اسمان حيث رفعا |
|
أو أوليا الفعل ، كجئت مذ دعا |
يريد : أنهما يكونان اسمين حين يرفعان اسما بعدهما ؛ باعتبارهما مبتدأين ، وهو الخبر المرفوع بالمبتدأ ، أو حين يليهما ويجىء بعدهما الفعل وفاعله ؛ مثل : جئت مذ دعا. واكتفى بأن ذكر الجملة الفعلية وترك الاسمية لفهم القارئ ، أو لأنها ستعرب خبرا والخبر مرفوع ـ عندهم ـ بالمبتدأ فتدخل فى ضمن الحالة الأولى. ثم قال فى معناهما :
وإن يجرّا فى مضىّ «فكمن» |
|
هما ، وفى الحضور معنى : «فى» ، استبن |
أى : اطلب. بيان معنى «فى» وهو : الظرفية.