٢ ـ إن كان الجواب جملة مضارعية مثبتة فالأغلب الأقوى اقتران مضارعها باللام ونون التوكيد معا (١) ؛ نحو : والله لأحبسن يدى ولسانى عن الأذى. ومن القليل الجائز الاقتصار على أحدهما.
فإن كانت الجملة مضارعية منفية ... لم يزد عليها شىء إلا أحد حروف النفى الثلاثة (٢) التى يكثر دخولها على الجواب المنفى (٣) (وقد سبقت لها الإشارة) مثل : والله ما أحبس يدى ولسانى عن محاربة المنكر ـ والله إن أحبس يدى ولسانى ... ـ الله لا أحبس يدى ولسانى. ومن هذا قول الشاعر :
رقىّ ، بعمركم لا تهجرينا |
|
ومنّينا المنى ، ثم امطلينا |
٣ ـ إن كان الجواب جملة اسمية مثبتة فالأحسن اقترانه بحرفين معا ، هما : «إنّ» ولام الابتداء فى خبرها (٤) ، نحو : والله إن الغدر لأقبح الطّباع.
__________________
(١) راجع ماله صلة بهذا فى ص ٢٩ و ٣٠.
(٢) ويزاد عليها هنا : «لن» فى رأى مقبول من آراء تعارضه. ومن أمثلته قول أبى طالب يعلن حمايته للرسول عليه السّلام من أعدائه المشركين القرشيين :
والله لن يصلوا إليك بجمعهم |
|
حتى أوسّد فى التراب دفينا |
(٣) قد يكون وجود حرف النفى قبل هذه الجملة المضارعية مقدرا غير ظاهر اللفظ : (بأن يكون ملحوظا غير ملفوظ) ومن أمثلته قوله تعالى : (تَاللهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ ... ،) وقول ليلى الأخيلية فى رثاء توبة :
فأقسمت أبكى بعد توبة هالكا |
|
وأحفل من دارت عليه الدوائر |
أى : لا أبكى ولا أحفل. ومثل قول الآخر :
فقلت يمين الله أبرح قاعدا |
|
ولو قطعوا رأسى لديك وأوصالى |
أى : لا أبرح. جاء فى أمالى أبى القاسم الزجاجى ص ٥٠. ما معناه : أن العرب تحذف النفى من جواب القسم فى مثل الصور السالفة لأمن اللبس فيها ، حيث لا يلتبس الجواب المنفى بالمثبت لوضوح المعنى ، ولأن الجواب لو كان مثبتا لوجب تأكيده باللام والنون معا. أو بأحدهما ، طبقا للقاعدة السالفة. فعدم اقترانه دليل آخر على أنه منفى بأداة مقدرة.
(٤) اللام الداخلة على جواب القسم لا تدخل على «إن» المشددة ولا على شىء من أخواتها ، إلا : «كأن». نحو : والله لكأن صدقة البخيل اقتطاع من جسده. أما اللام الداخلة على خبر «إن» فهى لام ابتداء سواء أكانت «إن» مسبوقة بقسم هى فى صدر جوابه ، أم غير مسبوقة به. (وقد تقدم فى الجزء الأول فى ص ٥٩٧ م ٥٣ تفصيل الكلام على لام الابتداء ، وفائدتها ، ومواضعها ...).