بجملة إنشائية تجىء بعد جملة القسم. والفصيح أن تكون الأداة هى الباء ؛ نحو : بربك ، هل رحمت الثّكلى؟ بحياتك ، أعطفت على البائس ، وقول الشاعر :
بعينيك يا سلمى ارحمى ذا صبابة |
|
أبى غير ما يرضيك فى السرّ والجهر |
فالجملة الثانية هى جواب القسم ، ولا محل لها من الإعراب هنا ، ويسمى القسم فى هذه الحالة : «استعطافيّا» ، أو : «غير إنشائى». ولا بد أن يكون جوابه جملة إنشائية ، (كما أوضحنا) (١) وهى لا تحتاج لزيادة شىء عليها. بخلاف : القسم «غير الاستعطافى» فإن جوابه يتطلب إدخال بعض الزيادة على جملته ، بالتفصيل الآتى (٢) :
١ ـ إن كان الجواب جملة فعلية ... فعلها ماض ، متصرّف ، مثبت ـ فالكثير الفصيح اقترانها «باللام» و «قد» ، معا ، نحو : والله لقد أفاد الاعتدال فى ممارسة الأمور. ويجوز ـ بقلة ـ الاقتصار على أحدهما ، أو التجرد منهما ، مع ما فى الأمرين من ترك الكثير الفصيح. وتسمى هذه اللام المفتوحة : «لام جواب القسم ، أو : الداخلة على جوابه».
وإن كان الماضى غير متصرف فالكثير الفصيح اقترانه باللام فقط ؛ نحو : والله لنعم المرء يبتعد عن الشّبهات. إلا الفعل «ليس» فلا يقترن بشىء ؛ مثل : والله ليست قيمة المرء بالأقوال ، ولكن بالأفعال.
وإن كان الماضى غير مثبت لم يزد عليه شىء إلا حرف من حروف النفى الثلاثة التى يكثر دخولها على الجواب المنفىّ ؛ وهى : ما ـ لا ـ إن ـ ؛ نحو : والله ما مدحت أثيما ـ بالله لا رفضت عتاب الصديق ، ولا غضبت منه. تالله إن امتنعت عن مزاملتك فيما يرفع الشأن ، أى : بالله ما امتنعت. وغير هذا شاذ.
__________________
(١) مما سبق نفهم قول النحاة : القسم جملة إنشائية جاءت لتأكيد جملة خبرية بعدها. وهذا هو القسم غير الاستعطافى. فإن كانت الثانية إنشائية أيضا فالقسم استعطافى.
(٢) سيذكر هذا البيان فى ج ٤ م ١٥٨ ص ٣٦٢ عند اجتماع الشرط والقسم ومن المفيد الرجوع إليه أيضا.