زيادة وتفصيل :
تعددت هنا الأمثلة للباء الزائدة كى تدل على أنها تزاد فى الفاعل ، والمفعول به ، والمبتدأ ، وخبره ، وخبر الناسخ. وقد تزاد فى غير ذلك قليلا.
بقى أن نسأل : أزيادتها قياسية أم سماعية (١)؟ الأحسن الأخذ بالرأى القائل : إن الزائدة فى الفاعل تكون واجبة فى فاعل فعل التعجب الذى صيغته القياسية : «أفعل» ، مثل : أصلح بنفسك ، وأحسن بعملك ؛ بمعنى : ما أصلح نفسك!! وما أحسن عملك!!
وتكون جائزة ، فى فاعل : «كفى» ، مثل : كفى بالله شهيدا.
أما الزائدة فى المفعول به فغير مقيسة ، ولو كان مفعولا به للفعل : «كفى» نحو : كفى بالمرء عيبا أن يكون نمّاما.
وقول الشاعر :
كفى بالمرء عيبا أن تراه |
|
له وجه وليس له لسان |
ويستثنى من هذا زيادتها فى مفعول الأفعال الآتية : (عرف ـ علم بمعنى : عرف ـ جهد ـ سمع ـ أحسن). فإن هذه الزيادة جائزة.
والزائدة فى المبتدأ والخبر غير قياسية ؛ إلا فى مثل الأنواع المسموعة (٢) كثيرا منها ـ كالتى : بعد «كيف» و «إذا» وقبل : «حسب» ـ كقول الشاعر :
وقفنا ، فقلنا إيه عن أمّ سالم |
|
وكيف بتكليم الديار البلاقع؟ |
__________________
(١) راجع فيما يأتى : المغنى ، حرف الباء ، وحاشية الصبان ـ ج ٢ ـ باب حروف الجر عند الكلام على الباء الجارة.
(٢) ما المراد هنا من المسموع؟ أهو عام بعد «كيف» يشمل إدخال الباء على المبتدأ الاسم الظاهر ، وعلى الضمير مطلقا ؛ (لمتكلم أو لمخاطب ، أو لغائب ، من غير تقيد بنوع الضمير المسموع ولا بلفظه) ، وكذلك إدخالها على المبتدأ الذى يلى «إذا» الفجائية بغير تقيد؟ ـ أم أن المراد هو الاقتصار على نص الضمير المسموع لفظا ونوعا بعد «كيف» وعلى الاسم الظاهر ، وكذلك على نص المبتدأ المسموع لفظا ونوعا بعد «إذا» الفجائية؟
الأحسن الأخذ بالرأى الأول الذى يفيد العموم فى هذين الموضعين ؛ فيبيح زيادة الباء فى صدر المبتدأ التالى : «كيف» و «إذا» الفجائية مطلقا من غير تقيد باسم ظاهر ، ولا ضمير ، ولا نوع من أحدهما. وهذا الرأى هو الأقوى الذى تؤيده الشواهد الكثيرة الفصيحة. أما زيادتها قبل «حسب» فمقصور على لفظها ذاته.