الواو والتاء : حرفان أصليان للجر ، ومعناهما القسم (١) ـ غير الاستعطافىّ (٢) ـ ولا يصح أن يذكر معهما جملة القسم ، وهما لا يجران إلا الاسم الظاهر. والتاء لا تجر من الأسماء الظاهرة إلا ثلاثة : (الله ـ رب ـ الرحمن) ومن الشذوذ أن تجر غير هذه الثلاثة.
فمن أمثلة واو القسم قول الشاعر :
فلا وأبيك ما فى العيش خير |
|
ولا الدنيا إذا ذهب الحياء |
ومن أمثلة تاء القسم قوله تعالى : (وَتَاللهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ ...)
ويجرى على الحرفين السابقين ما يجرى على كل حروف القسم من جواز الحذف (٣) مع بقاء المقسم به مجرورا بشرط أن يكون هو لفظ الجلالة (أى : الله).
* * *
الباء : حرف يجر الظاهر والمضمر ، ويقع أصليّا وزائدا (٤) ، ويؤدى عدة معان ، أشهرها خمسة عشر :
١ ـ الإلصاق حقيقة أو مجازا ؛ نحو : أمسكت باللّص ، ومررت بالشرطىّ. فمعنى أمسكت به : قبضت على شىء من جسمه ، أو مما يتصل به اتصالا مباشرا ؛ كالثوب ونحوه. وهو ـ عند كثير من النحاة ـ أبلغ من : أمسكت اللص ؛ لأن معناه مع «الباء» ، المنع من الانصراف منعا تامّا.
ومعنى مررت به : ألصقت مرورى بمكان يتصل به ...
٢ ـ السببية أو التعليل (بأن يكون ما بعدها سببا وعلة فيما قبلها). نحو :
__________________
(١) أشرنا فى رقم ١ من هامش ص ٤٤١ إلى أن أحرف القسم المشهورة أربعة : «اللام» وقد سبق الكلام عليها هناك ، وكذلك «الواو والتاء والباء» ، وسيجىء الكلام على الثلاثة هنا. والصحيح أن «الواو» و «التاء» أصيلان فى القسم ، وليسا نائبين فيه عن «الباء» وليست الباء بعدهما مقدرة تجر الاسم ؛ لأن هذا تعقيد لا داعى له. وقد أشرنا أيضا فى تلك الصفحة إلى أن بعض العرب يستعمل الحرف «من» (بكسر الميم أو ضمها) حرف قسم ، ولا يكاد يجر به إلا كلمة : «الله». نحو : من الله لأصاحبنك. وأندر من هذا استعمال كلمة : «ها» حرف قسم بعد كلمة : «إى» : ، بمعنى : نعم أو بدونها. ولا داعى اليوم لاستعمال هذه اللغات النادرة.
(٢) إيضاحه فى ص ٤٥٩ و ٤٦٠.
(٣) لحذف حروف الجر ـ ومنها حروف القسم ـ موضوع مستقل يجىء فى ص ٤٩١.
(٤) وأحسن لغاته أن يتحرك بالكسر فى جميع أحواله.