حتى الفصل الأخير ؛ فنهاية الغاية داخلة بقرينة تدل على الشمول والعموم ؛ هى كلمة «كل» ، بخلاف : كدت أفرغ من الكتاب ؛ فقد قرأته حتى الفصل الأخير ، لأن كلمة : «كدت» التى معناها : «قاربت» تدل على أنّ بعضه الأخير لم يقرأ ... وعلى هذا لا يستحسن الإتيان «بحتى» فى مثل : قرأت الكتاب حتى ثلثه أو نصفه ، وإنما يجىء مكانها «إلى».
(ب) نوع لا يجر إلا المصدر المنسبك من «أن» المضمرة وجوبا وما دخلت عليه من الجملة المضارعية. وأشهر معانى هذا النوع ثلاثة : الدلالة على انتهاء الغاية ، كالنوع ، السابق ، أو الدلالة على التعليل (١) أو الدلالة على الاستثناء إن لم يصلح أحد المعنيين السابقين.
وهذا النوع ـ كما قلنا ـ لا يجر إلا المصدر المنسبك من «أن» الناصبة المقدرة وجوبا ، ومن صلتها الفعلية المضارعية (٢) ؛ نحو : أتقن عملك حتى تشتهر ـ اجتنب الكسب الخبيث حتى تسلم ثروتك ـ التاجر الحصيف يحرص على الأمانة حتى يزداد ربحه ... ولا يصح أن تكون فى هذه الأمثلة لانتهاء الغاية ؛ لأن انتهاء الغاية يقتضى انقطاع ما قبل : «حتى» وانتهاءه بمجرد وقوع
__________________
ـ ومنها : أن «حتى» قد تجر المصدر المنسبك من : (أن المضمرة وجوبا ، والفعل المضارع وفاعله ،) نحو : أسرعت حتى أدرك القطار ، أى : أن أدرك ، ولا يصح أسرعت إلى أدرك القطار ؛ إذ لا تدخل «إلى» على الفعل مطلقا إلا مع «أن» الظاهرة.
فملخص الفروق خمسة :
أن : «إلى» تجر الظاهر والمضمر ، أما : «حتى» فلا تجر إلا الظاهر فى أصح الآراء ، ويجب الاقتصار عليه. وأن : «نهاية الغاية» لا تدخل مع «إلى» إلا بقرينة ، والأمر بالعكس مع «حتى» فالغاية النهائية معها داخلة ، ولا تخرج إلا بقرينة. وأن «إلى» تقتضى انقضاء ما قبلها ـ غالبا ـ بغير تمهل أو انقطاع. بخلاف «حتى». ولهذا آثار فى التعبير. وأن «إلى» لا تدخل على المضارع بدون «أن» الظاهرة التى تنصبه بخلاف «حتى» فإنها تدخل عليه إذا كان منصوبا بأن المقدرة بعدها فتجر المصدر المنسبك : وأن : «إلى» تجىء للدلالة على النهاية حين توجد : «من» الدالة على البداية ولا يصح مجىء : «حتى».
(١) الدلالة على أن ما قبلها علة وسبب فيما بعدها. فهى مخالفة للام التعليل وامثالها مما يكون ما بعده هو العلة (انظر رقم ٨ من ص ٤٣٨).
(٢) ل «حتى» الجارة للمصدر المنسبك من «أن» الناصبة للمضارع وصلتها ، عدة أحكام أخرى مكانها المناصب الذى ستذكر فيه تفصيلا هو الجزء الرابع ، باب : «إعراب الفعل» حيث الكلام على : «النواصب» ...