للاستقرار ، ودوام الإقامة فى مكان واحد (١).
ومن هنا يتبين الفرق الدقيق بين : «إلى» التى تفيد التبيين ، و «اللام» التى تفيده أيضا (٢). ويتركز فى أن ما بعد «إلى» التبيينية «فاعل» فى المعنى لا فى اللفظ ؛ وما قبلها مفعول به فى المعنى كذلك. أما «اللام التبيينية» فبعكسها ؛ فما بعدها مفعول به معنوى لا لفظى ؛ وما قبلها فاعل معنوى كذلك ، فإذا قلت : الوالد أحب إلى ابنه. كان الابن هو المحب ، والوالد هو المحبوب ، أى : أن الابن هو فاعل الحب معنى ، والوالد هو الذى وقع عليه المحب ؛ فهو بمنزلة المفعول به معنى. أما إذا قلت : الوالد أحب لابنه ، فإن المعنى ينعكس ؛ فيصير الابن هو المحبوب ؛ فهو بمنزلة المفعول به معنى ، والأب هو المحبوب ، فهو بمنزلة الفاعل معنى. وقد سبق (٣) القول بأن مثل هذا الأسلوب دقيق يتطلب يقظة فى استعماله وفهمه (٤).
١٦ ـ أن تكون بمعنى : بعد (٥) ، كقولهم : كان الخليفة يقصد المسجد لأذان الفجر مباشرة ، ويصلى الصبح بالناس إماما ، ثم ينظر قضاياهم ، ولا يغادر المسجد إلا للعصر ، وقد فرغ من صلاته ، ونظر شئون رعيته. أى : بعد أذان الفجر مباشرة ، وبعد العصر. ومن هذا النوع ما كان يؤرخ به الأدباء رسائلهم ؛ فيقولون : كتبت هذه الرسالة لخمس خلون من «شوّال» يريدون : بعد خمس ليال مررن من شوال. ومثل قول الشاعر :
فلما تفرقنا كأنى ومالكا |
|
لطول (٦) اجتماع لم نبت ليلة معا |
__________________
(١) فالمراد : يحب البدوى الصحراء ... ـ يبغض البدوى الحضر ـ يكره البدوى الاستقرار.
(٢) راجع ما سبق فى ص ٤٣٤. حيث الإيضاح والضابط الذى يبين الفاعل والمفعول به المعنويين.
(٢) راجع ما سبق فى ص ٤٣٤. حيث الإيضاح والضابط الذى يبين الفاعل والمفعول به المعنويين.
(٣) من أمثلة اللام التبيينية : سقيا لك ـ رعيا لك ـ تبّا للخائن ... وفى هذه الأمثلة وأشباهها تفصيلات لغوية دقيقة ، لها آثار معنوية هامة تتصل باعتبارها جملة واحدة حينا ، وجملتين حينا آخر. وقد وفيناها حقها من الإبانة ، والإيضاح ، وعرض أقوم الطرائق لاستعمالها الصحيح ـ فى الجزء الأول ص ٣٨٠ ، م ٣٩ فى قسم الزيادة والتفصيل الخاص بمواضع حذف المبتدأ ، ولا مناص للباحث المستقصى من الرجوع إليها.
(٤) بعد ، من الظروف التى سبق الكلام عليها فى باب الظروف بهذا الجزء ص ٢٦٥.
(٥) جعلها بعضهم هنا بمعنى : مع ـ كما أشرنا فى ج ٣ ـ باب الإضافة م ٩٥ ص ١٠٩ ـ والأول أنسب.