ما يريد ـ مصدقا ما معهم ، التاركينه ... فكلمة : «فعال» صيغة مبالغة متعدية ، تعمل عمل فعلها ، ولكنها أضعف منه ، فجاءت اللام لتقويتها.
وكذلك كلمة : «مصدّقا» ، وكلمة «التاركين» وكلاهما اسم فاعل (١) ...
__________________
ـ العامل ، وفى التعلق بهذا العامل. ولكنها من ناحية أخرى يمكن حذفها فلا يتأثر المعنى بحذفها. لكل ما سبق لم تكن زيادتها محضة (راجع الصبان والتصريح عند كلامهما على «لام الجر» ثم «المغنى»)
ومما تجب ملاحظته أن لام التقوية لا تدخل على مفعولى عامل ينصب مفعولين مذكورين بشرط أن يتقدما عليه معا ، أو يتأخرا عنه معا ، فمتى وجد المفعولان كذلك فلن يصح دخولها عليهما معا ، ولا على أحدهما ، وإذا حذف أحدهما أو تقدم ، صح دخولها على الذى لم يحذف ، وكذا على المتقدم منهما ، كما فى الصبان ، ومقدمة «المغنى» التى جاء فيها على لسان ابن هشام ما نصه :
(وها أنا بائح بما أسررته ، مفيد لما قررته وحررته) فقال العلامة الأمير تعقيبا عليه ما نصه :
(اللام فى قوله : «لما» مقوية ؛ إذ مادة الإفادة تتعدى بنفسها. لا يقال : إنها تتعدى لمفعولين ؛ تقول أفدت محتاجا مالا ؛ وما يتعدى لمفعولين لا يقوى باللام ... لأنا نقول محل ذلك إذا كان المفعولان مذكورين ، مقدمين ، أو مؤخرين عن العامل ، كما يفيده كلام ابن مالك فى تعليل منع ذلك ؛ لأن اللام إما أن تزاد فيهما ؛ فيلزم تعدى عامل واحد بحرفى جر متحدين ـ وهذا ممنوع فى الأغلب ـ وإما أن يزاد فى أحدهما ؛ فيلزم الترجيح بلا مرجح. فإن كان أحدهما محذوفا كما هنا ... فإن «اللام» تدخل على المذكور ، لأن المحذوف حينئذ قطع النظر عنه ، سواء نزلت العامل بالنظر للمحذوف منزلة اللازم أو لا. وكذلك إذا تقدم أحدهما دخلت عليه اللام ؛ لأن العامل عن المتقدم أضعف. أو ناب أحدهما عن الفاعل ، نحو : محمود مفاد مالا ، دخلت على المنصوب. لأن طلبه المرفوع أقوى) اه.
هذا ، ومما يصلح أن تكون اللام فيه للتقوية قولهم فى الدعاء :
«سقيا للمحسن ، ورعيا له» ، ولهذا الأسلوب ـ وأمثاله ، تفصيلات معنوية ، وأحكام إعرابية مختلفة ، أوضحناها كاملة فى ج ١ م ٣٩ ص ٤٦٨.
(١) هذا كلام النحاة. ويزيدون أن حرف الجر أصلى هنا ؛ فهو مع مجروره متعلقان بالعامل الضعيف ... وكلامهم مردود بما سردناه فى ١ من هامش ص ١٧٣ «د» وبما نسرده هنا : فما معنى التقوية إذا كان من الممكن الصحيح حذف هذه اللام ، وتعدية الفعل أو المشتق إلى المفعول به مباشرة من غير حاجة إليها ، ما دام العامل معدودا فى اللغة من العوامل المتعدية بنفسها ؛ فنقول ؛ إن كنتم الرؤيا تعبرون ـ ربهم يرهبون ـ مصدقا ما معهم ـ فعال ما يريد ... فيصل بنفسه الفعل أو المشتق إلى المفعول به بغير حاجة إلى هذه الواسطة ؛ سواء أكان هذا العامل متقدما أم متأخرا؟ وكيف تكون اللام للتقوية مع أن الاسم قبلها كان مفعولا به منصوبا. فلما جاءت جرته ؛ فصار مفعولا به فى المعنى دون اللفظ. ولا شك أن العامل الذى يؤثر فى مفعوله لفظا ومعنى أقوى من العامل الذى يؤثر فيه معنى فقط ... وكان الأولى بالنحاة أن يقولوا إن هذه اللام تزاد جوازا فى المفعول به إذا تقدم على عامله الفعل ، كما تزاد فى المفعول به إذا كان عامله وصفا ينصب المفعول به متقدما أو متأخرا. وأن الجار والمجرور لا يتعلقان ـ لأن حرف الجر زائد وأن المجرور لفظا منصوب محلا.