ونحو : بنيت البيت وأصلحت السّور جميلين. ووقفت سعاد وشاهدت أمّها متكلمتين (١).
هذا ، والتكرار الممنوع فى التثنية والجمع هو تعدد الأحوال متوالية ، كل واحدة وراء الأخرى مباشرة. أما وقوع كل واحدة بعد صاحبها مباشرة فليس بممنوع. وإن تعددت لمتعدد وكانت مختلفة الألفاظ أو المعانى وجب التفريق بغير عطف ؛ بحيث تكون كل حال بعد صاحبها مباشرة ، وهو الأحسن ؛ منعا للغموض. ويجوز تأخير الأحوال المتعددة كلها وتكون الأولى منها للاسم الأخير ، والحال الثانية للاسم الذى قبله ، والحال الثالثة للاسم الذى قبل هذا ... وهكذا ترتب الأحوال مع أصحابها ترتيبا عكسيّا. فأول الأحوال لآخر الأصحاب ، وثانى الأحوال للصاحب الذى قبل الأخير ... ومراعاة هذا واجبة. إلا إن قامت قرينة تدل على غيره. فمثال مراعاة الترتيب السابق : كنت أسوق السيارة فأبصرت زميلى فى سيارته قاصدا الريف ، مقبلا من الريف. فكلمة : «قاصدا» حال من «زميل» بإعطاء أول الحالين لآخر الاسمين. وكلمة : «مقبلا» حال من التاء فى : «أبصرت» ؛ بإعطاء ثانى الحالين للاسم الذى قبل السابق ... و... ومثال مخالفة هذا الترتيب لقرينة تدعو للمخالفة : لقى التّرجمان جماعة السياح باحثا عنهم ، سائلة عنه. فكلمة : «باحثا» حال من : «الترجمان» وكلمة : «سائله» حال من «جماعة» ولو روعى الترتيب هنا لاختلّت المطابقة الواجبة بين الحال وصاحبها فى التذكير والتأنيث. فالذى ربط بين الحال وصاحبها ، وعيّن لكل حال صاحبها هو قرينة التذكير فيهما معا ، أو التأنيث فيهما معا. ومثل : حدث المحاضر طلابه واقفا جالسين ؛ فكلمة : «واقفا» حال من : «المحاضر» ، و «جالسين» حال من : «الطلاب». ولم يراع الترتيب ؛ لأن اللبس مأمون ؛ بسبب وجود المطابقة التى تقضى بأن يكون صاحب الحال المفردة مفردا ، والمجموعة جمعا (٢).
__________________
(١) من الكلام النظرى المحض ما يقوله النحاة : (إن العامل فى الحال عند تعدد العامل هو مجموع العوامل. لا كل واحد مستقلا. لئلا يجتمع عاملان على معمول واحد!! وانظر «ا» من» ٣٦٣). ولا فائدة من تناسى الأمر الواقع من غير داع ؛ فالواقع أن كل عامل قد اشترك فى العمل برغم ما سبق.
(٢) اقتصر ابن مالك فى الكلام على الحال المتعددة على البيت الآتى :
والحال قد يجىء ذا تعدّد |
|
لمفرد ـ فاعلم ـ وغير مفرد ـ ١٧ |