إليه. والفصل بها لا يصح. كما لا يصح ـ فى الرأى الأنسب ـ تقديمها على المضاف (ولا فرق فى الحالتين بين الإضافة المحضة وغيرها).
أما إذا كان صاحبها مجرورا بحرف جر أصلى ؛ نحو : جلست فى الحديقة ناضرة ، فالأحسن الأخذ بالرأى القائل بجواز تقديمها ؛ لورود أمثلة كثيرة منها فى القرآن وغيره ، تؤيده (١). ولا داعى لتكلف التأويل والتقدير (٢).
فإن كانت مجرورة بحرف جر زائد ، جاز التقديم ؛ نحو : ما جاء متأخرا من
__________________
(١) ومنها قوله تعالى : (وَما أَرْسَلْناكَ ـ إِلَّا كَافَّةً ـ لِلنَّاسِ.) أى : وما أرسلناك إلا للناس كافة. وقول الشاعر :
تسلّيت ـ طرّا عنكمو ـ بعد بينكم |
|
بذكراكمو حتى كأنكمو عندى |
البين : الفراق. طرا : جميعا. أى : تسليت عنكم طرا.
وبمناسبة الكلام على : «كافة» يذكر أكثر اللغويين والنحاة ألفاظا لا تستعمل إلا منصوبة على «الحال» ، ومنها : «كافة» و «قاطبة». غير أن «الصبان» سجل فى باب : «الحال» ـ ج ٢ ـ عند الكلام على الآية السابقة استعمال «كافة» مجرورة ومضافة فى كلام عمر بن الخطاب ونصه :
«قد جعلت لآل بنى كاكلة على كافة المسلمين لكل عام مائتى مثقال ذهبا إبريزا». وعرض الصبان بعد ذلك لتفصيلات أخرى تختص بهذه الكلمة ، وباستعمالها.
وعلى هامش القاموس المحيط ـ ج ٣ ـ مادة : «كف» نص منقول عن شرح القاموس يجيز استعمال هذه الكلمة مقرونة بأل ، أو مضافة ، وأن رفض هذين الاستعمالين لا مسوغ له. ونص كلامه : (ما رفضوه رده الشهاب فى شرح الدرة ، وصحح أنه يقال ، وإن كان قليلا». اه.
أما : «قاطبة» فقد استعملها «الجاحظ» غير حال فى أول رسالته التى موضوعها : «تفضيل النطق على الصمت» حيث يقول : «وإن حجته قد لزمت جميع الأنام ، ودحضت حجته قاطبة أهل الأديان». وتردد الأدباء فى محاكاته. ولكن هذا التردد يزول بما جاء فى كتاب : «الأمالى ، للقالى» ـ ج ١ ص ١٧٠ طبعه المطبعة الأميرية بالقاهرة ـ فقد قال مؤلفه عند الكلام على مادة : «قطب» ومعناها ما نصه :
(قال يعقوب بن السكيت : يقال : قطب ، يقطب ، قطوبا ، وهو قاطب ... إذا جمع ما بين عينيه ، واسم ذلك الموضع : «المقطب» ومنه قيل : الناس قاطبة أى : الناس جميع) اه. فقد استعملها خبرا. ومن كل ما سبق يتبين أن الكلمتين ليستا ملازمتين للحال.
(٢) فى هذه الصورة يقول ابن مالك :
وسبق حال ما بحرف جرّ قد |
|
أبوا. ولا أمنعه فقد ورد ـ ٩ |
أى : أن النحاة أبوا أن يوافقوا على تقديم حال صاحب قد جر بحرف جر (أى : أصلى). ثم أوضح رأيه الخاص قائلا : إنه لا يوافقهم ، ولا يمنع تقديم الحال وسبقها على صاحبها المجرور بالحرف ؛ لأن هذا ورد فى الكلام الفصيح. وإذا كان واردا فيه بقدر كاف فكيف يمنع؟ لكنه لم يذكر التفصيل.