الاستثناء بها كفيلا بإيضاح مصطلحاته الثلاثة السالفة ، وفهمه فى سهولة ويسر واستقرار(١).
وفى ضوء هذا نستطيع أن نفهم قول النحاة فى تعريف الاستثناء الاصطلاحى : (إنه الإخراج «بإلا» أو إحدى أخواتها لما كان داخلا فى الحكم السابق عليها) (٢). فليس هذا الإخراج إلا «الطرح» ؛ بإسقاط ما بعدها مما قبلها ، ومخالفته إياه فيما تقرر من أمر مثبت أو منفى ...
(ب) الاستثناء التام :
ما كان فيه المستثنى منه مذكورا ؛ كالأمثلة السالفة ، ومثل : ركبت الطائرة عشرين ساعة إلا خمسة. وكان معى زملائى إلا ثلاثة. فكلمة «عشرين» هى المستثنى منه. وكذا كلمة : «زملاء». وبسبب وجود كل منهما فى الكلام سمى الاستثناء : «تامّا».
(ح) الاستثناء الموجب ، وغير الموجب :
فالأول ما كانت جملته خالية من النفى ؛ وشبهه ـ وشبه النفى هنا : النهى ؛ والاستفهام الذى يتضمن معنى النفى (٣) ـ كالأمثلة السابقة ، وكقول الشاعر :
قد يهون العمر إلا ساعة |
|
وتهون الأرض إلا موضعا |
__________________
(١) أى : بقائه مفهوما.
(٢) وهذا يشمل الدخول الحقيقى ؛ كالأمثلة السالفة ، والدخول التقديرى الملاحظ فى النفس كالمفرّغ ؛ وكالمستثنى المنقطع ، ـ وسيجىء إيضاحهما فى ص ٢٩٤ و ٢٩٥ و ٢٩٨ و ٣٠٨ ـ ؛ فإنهما لا يدخلان فى الحكم السابق حقيقة ، وإنما يندمجان فيه تقديرا.
(٣) وهذا يشمل أنواعا ؛ منها الاستفهام الإنكارى : (ويسمى أيضا : الإبطالى) ويعرفونه بأنه الذى يسأل به عن شىء غير واقع ، ولا يمكن أن يحصل. فمدعيه كاذب. وهذا النوع يتضمن معنى النفى ؛ لأن أداة الاستفهام فيه بمنزلة أداة النفى فى أن الكلام الذى تدخل عليه منفى المعنى ؛ نحو قوله تعالى : (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ حَدِيثاً؟.) (راجع : المغنى ج ١ عند الكلام على الهمزة. وكذلك حاشية الأمير عليه عند الكلام على : «أم»).
ومنها : الاستفهام التوبيخى ؛ وهو : ما يسأل به عن أمر حاصل واقع ، ومن يدعى وجوده يكون صادقا فى إخباره عن أمر موجود ذميم. وفاعله ملوم يستحق التوبيخ بسببه ؛ مثل قولنا للأوصياء : أتأكلون أموال اليتامى بالباطل؟
وفى الجزء الثانى من «المغنى» عند الكلام على : «هل» أن أنواع الإنكار ثلاثة ؛ منها النوعان السالفان ، أما الثالث فمعناه النفى المجرد ، والسلب المحض. بحيث يمكن وضع أداة النفى مكان أداة الاستفهام فلا يتغير المعنى. والأكثر أن تكون أداة الاستفهام هى : «هل» نحو : هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ، أى : ما جزاء الإحسان إلا الإحسان.