والأفضل اتباع الغالب ؛ ليقع التفاهم بغير تردد. وقد وضعوا علامة للتمييز المعنوى بين الكلمتين ؛ فقالوا : إن أمكن وضع كلمة : «بين» مكان : «وسط» واستقام المعنى فهى ظرف ؛ نحو : جلست وسط القوم ، أى : بينهم. وفى هذه الحالة يحسن تسكين السين ؛ مراعاة للغالب. وإن لم تصلح كانت اسما ، نحو : احمرّ وسط وجهه. وفى هذه الصورة يحسن تحريك السين بالفتح ، مراعاة للغالب.
(ب) إذا كان الظرف منصوب اللفظ أو المحل على الظرفية ، وجب ـ عند الأكثرين ـ أن يكون متعلقا بالعامل الذى عمل فيه النصب (١) ، وهذا العامل يكون ـ فى الغالب ـ فعلا (٢) ، أو مصدرا ، أو شيئا يعمل عمل الفعل (٣) كالوصف ؛ نحو : سافرت يوم الجمعة فوق درّاجة بخارية. أو : أنا مسافر يوم الجمعة فوق درّاجة بخارية ... فالظرفان «يوم» و «فوق» متعلقان بعاملهما «سافر» أو : «مسافر» ... و... ومعنى أنهما متعلقان به : مرتبطان ومستمسكان به ، كأنهما جزءان منه لا يظهر معناهما إلا بالتعلق به. فاستمساكهما بالعامل كاستمساك الجزء بأصله ، ثم هما فى الوقت نفسه يكملان معناه.
بيان هذا أن العامل يؤدى معناه فى جملته ، ولكن هذا المعنى لا يتم ولا يكمل إلا بالظرف الذى هو جزء متمم ومكمل له ؛ ففى مثل : جلس المريض ... قد نحس فى المعنى نقصا يتمثل فى الأسئلة التى تدور فى النفس عند سماع هذه الألفاظ ؛ ومن الأسئلة : أين جلس؟ أكان فوق السرير ، أم أمامه ، أوراء
__________________
(١) سبق (فى رقم ٢ من هامش ص ٢٣٢ ثم فى ص ٢٣٦ م ٧٨) كلام هام يتصل بهذا الموضوع ، ويتممه ؛ من ناحية التعلق بحروف المعانى ، والحكمة فى وجوب التعلق. وسيجىء فى ص ٤١٣ باب حروف الجر عند الكلام على (شبه الجملة م ٨٩) ما يزيده توفية واكتمالا.
(٢) والرأى الشائع القوى أن شبه الجملة بنوعيه (وهما الظرف ، وحرف الجر الأصلى مع مجروره) لا يجوز أن يتقدم على عامله الفعل المؤكد بالنون ـ طبقا للبيان الذى سبق فى رقم ١ من هامش ص ١٠٠.
(٣) وقد يكون تعلقهما بعامل معنوى ، ـ إذا لم يوجد عامل آخر يصح التعلق به ـ وهذا العامل المعنوى هو : الإسناد (أى : النسبة) على الوجه المشروح فى آخر هامش ص ٣٣١ ورقم ٢ من ص ٤٠٩ أما تعلقه بأحرف المعانى فقد سبق بيانه فى رقم ٢ من هامش ص ٢٣٢ م ٧٨.