بشرط أن تكون كل واحدة علم جنس (١) على وقتها المعين المعروف ؛ سواء أكان هذا الوقت مقصودا ومحددا من يوم خاص بعينه ، أم غير مقصود ولا محدد من يوم معين. فهذه الثلاثة ـ وأشباهها ـ متصرفة ؛ تستعمل ظرفا وغير ظرف ، وفى الحالتين تمنع من الصرف. وسبب منعها من الصرف : «العلمية والتأنيث اللفظى». فإن فقدت العلمية لم تمنع من الصرف ؛ وذلك لعدم التعيين (لأنها فقدت تعيين الزمن وتحديده ؛ وصارت دالة على مجرد الوقت المحض الخالى من كل أنواع التخصيص إلا بقرينة أخرى للتعيين) ؛ مثل : غدوة وقت نشاط ، يسرنى السفر غدوة والقدوم فى ضحوة ، بشرط أن يراد بهما مطلق زمن بغير تعيينه. ومن هذا قوله تعالى فى أهل الجنة : (وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا)(٢).
٣ ـ وإما مبنى. والمبنى قد يكون مبنيّا على السكون ، مثل : «إذ» الواقعة «مضافا إليه» والمضاف زمان ، نحو : لاح النصر ساعة إذ أخلص المجاهدون ـ كان النصر يوم إذ جاهد المخلصون. أو مبنيّا على الكسر ، مثل الظرف : «أمس» عند الحجازيين ؛ فى نحو : اعتدل الجوّ أمس.
* * *
(ب) أما غير المتصرف (٣) : فمنه الذى لا يستعمل إلا ظرفا ، ومنه ما يستعمل
__________________
(١) سبق إيضاحه فى مكانه المناسب (ج ١ ص ٢٠٠ م ٢٢ و ٢٠٨ م ٢٣).
(٢) لزيادة الإيضاح نسوق ما قاله الصبان فى هذا الموضع من الجزء الثانى آخر باب الظرف. قال : عن «غدوة وبكرة» ـ ومثلهما : ضحوة ـ ما نصه : «إنهما علمان جنسيان ؛ بمعنى أن الواضع وضعهما علمين جنسيين لهذين الوقتين ؛ أعم من أن يكونا من يوم بعينه ، أو لا. وهذا معنى قولهم : قصد بهما التعيين أو لم يقصد ، كما وضع لفظ : أسامة علما للحقيقة الأسدية ، أعم من أن يقصد به واحد بعينه أو لا. فالتعيين المنفى قصده هو التعيين الشخصى ، لا النوعى ؛ إذ هو لا بد منه. فلا اعتراض بأن عدم قصد التعيين يصيرهما نكرتين منصرفتين. ويؤيد ما ذكرناه قول الدمامينى : كما يقال عند قصد التعميم : أسامة شر السباع ، وعند التعيين هذا أسامة فاحذره ـ يقال عند قصد التعميم غدوة أو بكرة وقت نشاط ، وعند قصد التعيين لأسيرنّ الليلة إلى غدوة أو بكرة قال : وقد يخلوان من العلمية فينصرفان ، ومنه قوله تعالى : (وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا ،) وحكى الخليل : جئتك اليوم غدوة ، وجئتنى أمس بكرة. والتعيين فى هذا لا يقتضى العلمية حتى يمنع الصرف ؛ لأن التعيين أعم من العلمية ، فلا يلزم من استعمالهما فى يوم معين أن يكونا علمين ؛ لجواز أن يشار بهما إلى معين مع بقائهما على كونهما من أسماء الأجناس النكرات بحسب الوضع ، كما تقول : رأيت رجلا وأنت تريد شخصا معينا ، فيحمل على ما أردته من المعين ، ولا يكون علما» اه. ما نقله الصبان. ثم انظر الكلام عليهما فى ج ١ ص ١١٠ م ٢٢.
(٣) ستجىء له أمثلة أخرى فى «الزيادة والتفصيل» ، ص ٢٥٠ وما بعدها.