المسألة ٧٦ :
حذف عامل المصدر. إقامة المصدر المؤكّد نائبا عن عامله فى بعض المواضع
(ا) يجوز حذف عامل المصدر المبين للنوع أو للعدد بشرط وجود دليل (١) مقالىّ أو حالىّ يدل على المحذوف. فمثال حذف عامل النوعىّ لدليل مقالىّ ، أن يقال : هل جلس الزائر عندك؟ فيجاب : جلوسا طويلا ؛ أى : جلس جلوسا طويلا ، ومثال حذفه لدليل حالىّ أن ترى صيادا أصاب فريسته ؛ فتقول : إصابة سريعة ؛ أى : أصاب إصابة سريعة. ومن هذا قولهم للمتهيئ للسفر : «سفرا حميدا ، ورجوعا سعيدا» أى : تسافر سفرا حميدا ، وترجع رجوعا سعيدا.
ومثال حذف عامل العددى لدليل مقالىّ : أرجعت إلى بيتك اليوم؟ فيجاب رجعتين ، أى : رجعت رجعتين. ولدليل حالىّ أن ترى خيل السباق وهى تدور فى الملعب ؛ فتقول : دورتين ؛ أى : دارت دورتين ... وهكذا.
والمصدر فى الحالات السالفة منصوب بعامله المحذوف جوازا ، وليس نائبا عنه. (ب) أما المصدر المؤكّد لعامله فالأصل عدم حذف عامله ؛ لما عرفنا (٢) من أن هذا المصدر مسوق لتأكيد معنى عامله فى النفس ، وتقويته ، ولتقرير المراد منه ، أى : لإزالة الشك عنه ، ولبيان أن معناه حقيقى لا مجازى ، وهذه هى حكمة المجىء بالمصدر المؤكّد ، ومن أجلها لا يصح تثنيته ، ولا جمعه ، ولا أن يرفع فاعلا أو ينصب مفعولا ، ولا أن يتقدم على عامله ، ولا أن يحذف عامله (٣) ... لأن هذا
__________________
(١) فى رقم ١ من هامش ص ٥٣ أن الدليل (ويسمى : القرينة أيضا) : قد يكون مقاليا ، أى : مرجعه إلى القول والكلام ـ وقد يكون حاليا ، لا شأن له بالقول أو الكلام ؛ وإنما الشأن فيه للمشاهدة ، أو نحوها مما يحيط بالشخص ، ويجعله يفهم أمرا مستنبطا مما حوله.
(٢) فى ص ٢٠٠ و «ا» من ص ١٩٦
(٣) سبقت أحكامه فى ص ١٩٩.