إما مع كونه مصدر فعل آخر ؛ كالمثالين الأولين ، ونحو : «التبتيل» فى قوله تعالى : (وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ ، وَتَبَتَّلْ)(١) إِلَيْهِ تَبْتِيلاً) ، فإنه مصدر (٢) للفعل : «بتّل» وقد ناب عن «التبتّل» ، الذى هو مصدر الفعل : «تبتّل». وإما مع كونه اسم (٣) عين ؛ نحو قوله تعالى : (وَاللهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً ...،) فكلمة : «نباتا» اسم للشىء النابت من زرع أو غيره ، وقد ناب عن : «إنباتا» الذى هو المصدر القياسى للفعل : «أنبت»(٤).
٣ ـ بعض أشياء أخرى ؛ كالضمير العائد عليه بعد الحذف ، وكالإشارة له بعد الحذف أيضا ؛ كقولهم لمن يتكلم عن الإخلاص : «أخلصته لمن أودّه» ، وعن الإقبال : «أقبلت هذا». والأصل : أخلصت الإخلاص ، وأقبلت الإقبال. فالضمير عائد على المصدر المؤكد الذى حذف ، ونائب عنه ، وهو : (الإخلاص) واسم الإشارة يشير إلى المصدر المؤكد الذى حذف وينوب عنه ؛ وهو : (الإقبال).
والذى يصلح للإنابة فى الأنواع الأخرى :
١ ـ لفظ كلّ أو بعض ، بشرط الإضافة لمثل المصدر المحذوف ؛ نحو : لا تنفق كل الإنفاق ، ولا تبخل كل البخل ؛ وابتغ بين ذلك قواما (٥). ـ إذا سنحت الفرصة لغاية كريمة فلا تتمهل فى اقتناصها بعض تمهل ، ولا تتردد بعض تردّد ؛ فإنها قد تفلت ، ولا تعود.
__________________
(١) تفرغ وانقطع لعبادته وطاعته.
(٢) لم يعتبروا : «التبتيل» اسم مصدر للفعل : «تبتل» ؛ لأن حروفه تزيد على حروف مصدر هذا الفعل ، واسم المصدر ـ فى الرأى الشائع عندهم ـ لا بد أن تقل حروفه عن حروف مصدر الفعل الذى يجرى على مقتضاه فى الاشتقاق. أما الرأى الذى لا يشترط أن يقل عن حروف المصدر ، ويبيح أن تزيد ، فيجعل «تبتيلا» اسم مصدر.
(٣) ذات مجسمة ، وليس ـ كالمصدر ؛ واسمه ـ معنى مجردا.
(٤) يرى بعض النحاة أن كلمة «نبات» فى الآية مصدر جرى على غير فعله ؛ لأنه فى الأصل مصدر للفعل : «نبت» ـ ثم سمى به النابت ؛ فيكون داخلا فى قسم الملاقى للمصدر فى الاشتقاق مع كونه مصدر فعل آخر. ولا مانع أن تكون «نبات» اسم مصدر للفعل : «أنبت».
(٥) اطلب طريقا وسطا معتدلا بين الأمرين.