بيان الغلبة فى الفعل الذى جاء بعد المفاعلة ، على الآخر. فإذا قلت : كارمنى ، اقتضى أن يكون من غيرك إليك كرم ، مثل ما كان منك إليه ؛ فإذا غلبته فى الكرم فإنك تبنيه على «فعل» بفتح العين ؛ لكثرة معانيه. ثم خصوا من أبوابه بالرد إليه ما كان عين مضارعه مضمومة ، وإن كان من غير هذا الباب ، نحو كارمنى فكرمته ، يكارمنى فأكرمه ، وضاربنى فضربته ، يضاربنى فأضربه (بضم الراء فى المضارع) فهذا قد ضربته وضربك ، ولكنك قد غلبته فى الضرب. ويجوز ألا يكون قد ضربك ، وإنما ضربتما غيركما ؛ لتغلبه فى ذلك ، أو لتغلبك ، كذا البواقى.
(وإنما فعلوا ذلك لأن «الفعل» بمعنى المغالبة قد جاء كثيرا من هذا الباب ؛ نحو الكبر ؛ وهو : الغلبة فى الكبر ، والكثر ، وهو الغلبة فى الكثرة ، والقمر ؛ وهو الغلبة فى القمار ، فنقلوا من غير ذلك الباب أيضا إليه ، ليدل على المراد الموضوع ؛ ثم استثنوا من هذه القاعدة معتل الفاء ؛ واويّا كان نحو : وعد ، أو يائيّا نحو : يسر ؛ فإنه لا ينقل إلى «يفعل» بضم العين ، لئلا يلزم خلاف لغتهم ؛ إذ لم يجىء «مثال» (١) مضموم العين. فيقال : واعدنى فوعدته أعده ، وياسرنى فيسرته ، ومعتل العين أو اللام ، اليائى ؛ فإنه لا ينقل إلى «يفعل» بالضم بل يبقى على الكسر ؛ فيقول بايعنى فبعته أبيعه ، ورامانى فرميته أرميه ؛ إذا لم يجئ أجوف ولا ناقص يأتى من : «يفعل» بالضم ؛ لأنك لو ضممت عينه لانقلب حرف الياء واوا فيلتبس بذوات الواو. ومثل هذا قاله الرضى وغيره من شراح الكافية) اه.
وجاء فى الهمع (ج ٢ ص ١٦٣) فى فعل يفعل ما نصه : «لزموا الضم فى باب المغالبة. على الصحيح ؛ نحو : ضاربنى فضربته أضربه ـ وكابرنى فكبرته أكبره ، وفاضلنى ففضلته أفضله. وجوز الكسائى فتح عين مضارع هذا النوع إذا كان عينه أو لامه حرف حلق ؛ قياسا ؛ نحو : فاهمنى ففهمته أفهمه ، وفاقهنى ففقهته أفقهه ، وحكى الجوهرى : واضأنى فوضأته ، أوضؤه ؛ قال : وذلك بسبب الحرف الحلقى. وروى غيره : وشاعرته فشعرته ، أشعره. وفاخرته ففخرته
__________________
(١) المثال : ما كانت فاؤه حرف عنة.