مصدرى من الحروف الثلاثة مع صلته. (وهى : أنّ ، وأن المختصة بالفعل (١) وكى (٢)) ، مثل : سررت من أن الناشئ راغب فى العلم ، حريص على أن يزداد منه ، لكى يبنى مجده ، ويرفع شأن بلاده. فيصح حذف الجار قبل كل حرف من الثلاثة ؛ فتصير الجملة : سررت أن الناشئ ... حريص أن يزداد ... كى يبنى ... فالمصادر التى تؤول فى العبارات السالفة من الحرف المصدرى وصلته ، تكون مجرورة على التوالى بالحرف : «من» فالحرف : «على» ، فالحرف : «اللام» ولا داعى لأن يكون المصدر المؤول فى محل نصب على نزع الخافض ـ كما يرى فريق ـ لأن حرف الجر المحذوف ملاحظ بعد حذفه ، والمعنى قائم على اعتباره كالموجود ؛ فهو محذوف بمنزلة المذكور. ولأن النصب على نزع الخافض خروج على الأصل السائد الغالب ؛ فلا نلجأ إليه مختارين.
__________________
ـ بخير ، أو : على خير ؛ وحذف «إلى» فى قول آخر :
إذا قيل أىّ الناس شرّ قبيلة |
|
أشارت كليب بالأكفّ الأصابع |
أى : أشارت إلى كليب الأصابع مع الأكف ... وهكذا من كل ما حذف فيه حرف الجر وبقى مجروره على حاله. وهذا النوع لا يطرد فيه الجر ، وإنما يقتصر على المسموع ؛ كما قلنا.
د ـ نوع يكثر فيه حذف الجار مع إبقاء مجروره على حاله من الجر. وهذا النوع قياسى يطرد فى جملة أشياء ؛ أشهرها : حرف الجر الذى مجروره المصدر المؤول من أحد الحروف المصدرية الثلاثة مع صلته ، وهذه الحروف الثلاثة هى : أنّ ـ (أن ـ كى ،) وقد تكلمنا عليها هنا ـ أما بقية الأشياء ومناقشتها ، فموضوع الكلام عليها : آخر باب حروف الجر عند الكلام على حذف حرف الجر وإبقاء عمله ـ ص ٤٩١ م ٩١ ـ ، والكثير منها غير داخل فى موضوع التعدية بحرف الجر الذى نحن فيه.
ومما تقدم نعلم أن حرف الجر إذا حذف ، ينصب الاسم بعده فى حالتين ؛ إحداهما : قليلة غير مطردة ، فالنصب فيها مقصور على السماع. والأخرى كثيرة مطردة ؛ فالنصب فيها قياسى. ويجر فى حالتين ؛ إحداهما : قليلة غير مطردة ؛ فالجر فيها سماعى ، والأخرى : كثيرة مطردة فالجر فيها قياسى فالحالات الأربع ؛ منها اثنتان قياسيتان واثنتان سماعيتان.
(١) إذا وقعت «أنّ وأن» بعد حرف الجر الباء فى صيغة : «أفعل» ـ بفتح فسكون فكسر ـ الخاصة بالتعجب جاز حذف الباء مع «أن» قياسا دون «أنّ» المشددة فى رأى قوى. بحجة أن السماع لم يرد بحذفها ؛ وهذه التفرقة بينهما فى مسألة واحدة غير مقبولة ؛ لأن حذف الباء قبلهما جائز فى كل المسائل الأخرى ، فلم تخرج هذه المسألة ـ كما سنشير فى ص ٤٥٥ وفى رقم ٣ من هامش ص ٤٩١ لكن إذ حذفت الباء فى التعجب بعد الصيغة السالفة أتلاحظ فى التقدير أم لا؟ رأيان ، كما سيجىء فى باب التعجب ج ٣ ـ ص ٢٧٢ م ١٠٩.
(٢) كى المصدرية لا بد أن يسبقها ـ لفظا أو تقديرا ـ لام الجر التى تفيد التعليل.